ستلعنك الملائكة والشياطين، وتشمئز منك الحشرات والجرذان، وتبول الأجيال القادمة على قبرك حتى الأبد يا "مزيقيا"، إن فعلتها، وبعت شعبك للطوفان.! قال الراوي: هكذا قالت الكاهنة "طريفة" للملك "عمرو مزيقيا"، وهو يرحل بأهله وماله عن الأرض الموعودة بالغرق، بعد أن حذرته كاهنته الحصيفة هذه من انفجار وشيك لسد مأرب، ما يهدد اليمن بطوفان عارم، سيجرف كل شيء. كانت تتوقع منه العمل على تلافي الطوفان بقليل من صيانة السد، أو على الأقل إطلاع الشعب على الواقع وتحذيره من الكارثة القادمة..! لكنه، كأيّ مسئول لا يعرف المسئولية، أضمر الغدر، وأطل بريق المكر من عينيه، فكتم الأمر، واحتال على قومه بقصة ملفقة جعلت رحيله عن اليمن أمراً محسوما، وباع كل أملاكه بأسعار باهظة، ثم رحل بأهله وأمواله.. تشيعه دموع الجماهير التي ستواجه لوحدها أهوال سيل العرم.! قال آخر، ربما لم يكن ملكاً ولم تكن كاهنة، ربما كان سياسياً انتهازياً، أو مسئولاً فاسدا، أو تاجراً أنانياً، وربما كانت هي صحفية مغمورة أو صحيفة محدودة الانتشار، ولم يكن الطوفان أكثر من ثورة هوجاء أغرقت البلد بالأزمات، الأساطير رمزية، والتاريخ يعيد نفسه بأشكال بالغة السخرية. تقول رواية أخرى، إنه لم يرحل، بل شارك الفئران في تدمير السد، وتنقل بين القاهرة وألمانيا وقطر، وقهقه كالشيطان على الأرض الغريقة التي اعتبرته منقذا جاد به الدهر في اللحظة التاريخية الحاسمة. قال الراوي: وصار "مزيقيا" رمزا شهيرا للخيانة القومية، وصارت "طريفة " رمزا للنبوءة الثاقبة في غير أهلها. وأضاف بحزن: لكن هذا الشعب "طيب" جداً، ودائما، قلبه مع طريفة وسيفه مع مزيقيا.! في كل حال انتهى المطاف بمزيقيا مسئولا كبيرا يحمل وسام الثورة ، وبطريفة مدسوسة متهمة بالخيانة العظمى!، ويقال أنها ما تزال تردد في عزلتها الجبرية تخاطب مزيقيا: لن تغرق يا "مزيقيا"، أعرف، ستأوي إلى جبل البارود والبنكنوت، بسفينتك أو مدرعتك الخاصة، ستنجو بنفسك وأهلك وأرصدتك، لكنك لن تجد أرضاً تؤمن بك، بعد أن كفرت بأرضك.! أين سترسو بمركبتك، إذا اكتشفت هذه الكائنات الغارقة أنك سيد الطوفان.؟!