تخيَّل أنك تذهب إلى الحلاق، وحين يصل إلى نصف ذقنك تنقطع الكهرباء!! وتعود إلى البيت لتكمل الحلاقة فتنقطع الكهرباء أيضاً، وتبحث عن الماكينة لتفاجأ أنها فارغة من الشحن!! كم من اللعنات، حينها، ستصبُّها على وزارة الكهرباء ووزيرها؟ تجلس لتناول الإفطار، وأنت تتلو دعاء الإفطار، وتنقطع الكهرباء قبل أن تتناول أول لقمة، فيتحول الدعاء إلى شتائم مقذعة.. وحين تنتهي من عشائك وتريد أن تتناول المحلبية تكتشف أنك تحتاج إلى مصَّاصة، لأن المحلبية ما تزال ساخنة بسبب انقطاع هذا التيار اللعين. ولك أن تتخيَّل شعباً كاملاً يشتم شخصاً واحداً هو وزير الكهرباء!! يشتمونه في صنعاء، وفي عدن، وفي الحديدة، وفي المهرة، وفي كل المحافظات، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يتفق عليه اليمنيون، دون استثناء. أي فرحة بهذا المنصب الذي يجعلك عرضة لشتائم عشرين مليون مواطن.. وأي حياة هي حين يكون المرء مكروهاً من أناس لا يعرفونه، ويشتمونه كل يوم دون توقُّف؟ ربما لو سمع وزير الكهرباء ما يقوله الناس عنه لجمع أغراضه وهاجر من البلاد إلى غير رجعة، لكننا أصبحنا في عصر يشبه عصر ابن الرومي، فقد كان يهجو أشخاصاً بأقذع الألفاظ ويلقاهم في اليوم التالي وكأن شيئاً لم يكن، بعكس العصور التي قبل ابن الرومي.. فحين يهجو الشاعر شخصاً فقد حَكَم عليه بالمنفى والاغتراب، لأنه لا يطيق البقاء في قومه بعد أن قيل فيه ما قيل، ولذلك كانوا يسترضون الشعراء بالدراهم والدنانير حتى يسلموا هجاءهم. على وزارة الكهرباء أن تحترم الشهر الكريم، وأن تحترم صبر المواطن وتحمُّله لكل هذه الحماقات، فمن لا يحترم نفسه لن يحترمه أحد.