شكراً سعادة السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين, فقد كان رأيك وتحليلك لقضية الطرود المفخخة منصفاً وواقعياً بقولك “إنه لا يجب على أحد أن يتصور أن الحكومة اليمنية تتحمل مسؤوليةً تجاه موضوع الطردين المرسلين إلى الولاياتالمتحدة ذلك لأن العملية معقدة جداً وقد استغرق إبطال وتعطيل الطردين وقتا طويلا وصعبا وتفاصيل الموضوع لا يمكن لأي جهاز التنبؤ بها أو التحوط نظراً للتعقيد المموّه". وبناءً على ذلك فإن ما يروج له العديد من المسئولين العسكريين الأمريكيين منذ فترة حول طريقة وأسلوب وأولوية محاربة تنظيم القاعدة في اليمن والذي يركز على الضربات العسكرية واستخدام العنف بما في ذلك الطائرات بدون طيار وصواريخ “كروز" لمطاردة القاعدة في اليمن يجب أن لا تكون قضية الطرود ذريعة لتنفيذه وحسم الخلاف الدائر مع رؤية الخارجية الأمريكية التي تركز على ضرورة دعم اليمن لوجستياً وتدريب قوات مكافحة الإرهاب وتقديم الدعم الاقتصادي. سعادة السفير جيرالد فايرستاين: إن الظهور السريع لفخامة الرئيس أوباما في المؤتمر الصحفي المقتضب وتهديده الواضح الذي لا لبس فيه بتدمير القاعدة في اليمن وما تلا ذلك من إصداره أمراً لوكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه" باغتيال أنور العولقي المولود في أمريكا والذي استعان به “البنتاجون" بعد أحداث سبتمبر وتناول الغداء أكثر من مرة على طاولة “البنتاجون" لاعتقاد إدارة الرئيس أوباما بأنه يقف وراء مؤامرة الطرود المفخخة؛ يكشف بشكل واضح أن رؤية “البنتاجون" انتصرت على رؤية “الخارجية" فيما يتعلق بأسلوب محاربة تنظيم القاعدة في اليمن. سعادة السفير جيرالد: تعلمون أن اليمن شريك أساسي مع الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب وأن اليمن يواجه تنظيم القاعدة بشراسة وتعلمون أيضاً ما يقدمه اليمن من تضحيات وخسائر بشرية واقتصادية وكل ذلك يتطلب دعم اليمن في مختلف الجوانب الاقتصادية والأمنية والمخابراتية وتبادل المعلومات ضد الإرهاب وأنشطته المعقدة - أي التركيز على الدعم اللوجستي وتدريب قوات مكافحة الإرهاب والتبادل النشط للمعلومات – وعليكم تقع مسئولية إقناع الإدارة الأمريكية بأن قدرة اليمن في التصدي لتنظيم القاعدة تكمن في الدعم اللوجستي والتسليح والتدريب والدعم الاقتصادي وإقناع أغنياء المنطقة وفي مقدمتهم دول مجلس التعاون بضرورة تبني برامج اقتصادية حقيقية لأن ضعف اقتصاد اليمن ومشاكله المتعددة بيئة خصبة للتنظيمات المتطرفة سواء تنظيم القاعدة أو الحوثيون أو المجاميع المسلحة التي تطالب بالانفصال. سعادة السفير الأمريكي: لقد ثارت ضجة كبيرة استهدفت تشويه سمعة اليمن والنيل من جهودها في محاربة الإرهاب ومحاولة التقليل من جهودها في الشراكة الإقليمية والدولية لمحاربة تنظيم القاعدة بطريقة مدروسة, وكان لكل طرف من أطراف كشف لغز الطرود المشبوهة حساباته السياسية وركز على ما سيجنيه من خلال هذه العملية .. والإدارة الأمريكية تدرك ذلك جيداً ولكنها دائماً تنحاز للأقوى اقتصادياً خدمةً لمصالحها ونحن في اليمن لا نمانع من تحقيق مصالح اقتصادية وتحسين صورة الدول ولا ننكر أن بعض الدول في المنطقة في مقدمتها المملكة العربية السعودية بذلت جهوداً جبارة لمحاربة القاعدة ونعلم وتعلمون أنتم في الإدارة الأمريكية أيضاً أن نجاح المملكة العربية السعودية الشقيقة في محاربة القاعدة ودحرها لم يتحقق إلا بمساعدة خبراء أمريكيين وغربيين وبمساعدات مخابراتية وتبادل معلوماتي دقيق وبوقوف المجتمع الدولي معها بكل خبراته سعادة السفير جيرالد: صحيح نعلم أن مصالحكم مع المملكة العربية السعودية الشقيقة أكبر بكثير من مصالحكم مع اليمن ولكن أيضاً أنتم تعلمون والمجتمع الدولي برمّته أن اليمن تتمتع بموقع استراتيجي هام وأن قيامكم بتبني دعمها لوجستياً من أجل تقوية أجهزتها وقواتها لمحاربة تنظيم القاعدة هو الخيار الأمثل والأفضل ونعلم أنكم في الإدارة الأمريكية تدركون مصاعب أي تدخل عسكري أو القيام بضربات جوية قاسية على أهداف منتخبة من طرف واحد سيزيد من الغضب الشعبي على الولاياتالمتحدة خاصةً في ظل ارتكاب أخطاء تعرض مدنيين لا علاقة لهم بتنظيم القاعدة .. كما أن ذلك سيزيد من شعبية القاعدة في البلاد وسيمكنها من اختراق مواقع وأماكن ليست متواجدة فيها. سعادة السفير جيرالد: لكم تجاربكم في محاربة تنظيم القاعدة في كلٍ من أفغانستان وباكستان والعراق وتعرفون جيداً نتائج الضربات الجوية واستخدام طائرات بدون طيار وغير ذلك يزيد من قوة تنظيم القاعدة ويجعله يتكيف ويناور ويجدد في أساليب العنف والمواجهة, وهذا ليس مدحاً لهذا التنظيم الإجرامي البشع ولكنها حقيقة مستفادة من أفغانستان وباكستان والعراق تعرفونها في الإدارة الأمريكية أكثر منا في اليمن.