أعلنت رمز الديمقراطية في ميانمار أون سان سو تشي الأحد أنها على استعداد للعمل مع كافة الأحزاب من أجل المصالحة الوطنية وذلك خلال خطاب ألقته غداة إطلاق سراحها بعد قضاء سبع سنوات قيد الإقامة الجبرية. وأطلق سراح سو تشي (65 عاما) مساء السبت بعد انتهاء أخر عقوبة بالإقامة الجبرية صادرة بحقها والتي استمرت 18 شهرا، والتي كانت قد أضيفت لعقوبة أخرى مدتها ست سنوات. وبذلك تكون سو تشي قد قضت 15 عاما من العشرين عاما الماضية قيد الإقامة الجبرية. وقالت سو تشي الأحد إنها أرادت الاستماع لآراء الآخرين قبل اتخاذ أي قرار بشأن خططها المستقبلية. وقالت سو تشي: سأتحدث مع أي شخص على استعداد للعمل من أجل مصلحة البلاد والديمقراطية.. المصالحة الوطنية تعني الاعتراف بأن هناك خلافات. وأوضحت أنها لا تسعى للانتقام. وقالت: لا أحمل مشاعر بغيضة تجاه الحكومة بسبب اعتقالي لمثل هذه الفترة الطويلة. وأضافت سو تشي أمام نحو 10 آلاف شخص من أنصارها احتشدوا أمام مقر حزبها (الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية) في يانجون للاستماع لأول خطاب علني لها منذ أعوام: لابد أن نعمل معا. ووصفت الحشود زعيمة المعارضة الحائزة على جائزة نوبل للسلام بأنها (الأم) و(الأخت)، وهتفت بعبارات منها (نحب السيدة سو) و(تحيا أون سان سو تشي). ورحبت حكومات من أنحاء العالم بإطلاق سراح سو تشي، ولكن سرعان ما أضافت هذه الحكومات أنه ينبغي على السلطات في ميانمار بذل مزيد من الجهد لتنفيذ الإصلاحات الديمقراطية. وأشار الكثيرون إلى أن هناك ما يزيد على ألفي معتقل سياسي آخر لم يطلق سراحهم بعد في ميانمار. واعتبر الرئيس الفلبيني بينينو أكينو الثالث أن تحرير سو تشي من الإقامة الجبرية السبت خطوة إيجابية نحو الديمقراطية.. ولكن ينبغي بذل جهود كثيرة أخرى لتثبت ميانمار جديتها في تنفيذ خارطة الطريق الخاصة بتحقيق الديمقراطية بها.
وأضاف إن هناك معتقلين سياسيين آخرين لم يطلق سراحهم، كما أن الانتخابات التي أجريت مؤخرا لا تعتبر ذات مصداقية.
وتخضع ميانمار (بورما سابقا) للحكم العسكري الديكتاتوري منذ عام 1962.
وشوهد بعض الجنود في مبنى مقابل لمقر حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية. وقام رجال أمن بالتقاط صورا فوتوغرافية للحشود التي ملأت الشارع.
وتعتزم سو تشي زيارة مقر حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية مرة أخرى صباح الاثنين، حسبما أفاد مصدر من الحزب.
وقال محللون إنه لا يرجح أن يفتح المجلس العسكري الحاكم حوارا سياسيا مع سو تشي وحزبها، الذي فاز في انتخابات عام 1990 بأغلبية ساحقة ولكنه حرم من تولي السلطة.
ومنح المجلس العسكري الحاكم الحرية لسو تشي بعد انتهاء الانتخابات العامة في 7 تشرين ثان/نوفمبر الجاري والتي لاقت انتقادات واسعة النطاق ووصفت بأنها مخزية.
وقال ماونج زارني، الذي كان من الناشطين خلال دراسته وأصبح الآن باحثا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في لندن، إن ذلك ليس إشارة على أنهم سيجلسون ويتحدثون مع سو تشي.. ربما خلصوا إلى أنها لم تعد في وضع يسمح لها بهز السفينة.
وفاز حزب (اتحاد التضامن والتنمية) التابع للمجلس العسكري الحاكم بنحو 80% من المقاعد المتنافس عليها في الانتخابات في المجالس البرلمانية الثلاثة، وعددها 1159 مقعدا.
واتهم الحزب بالتلاعب في عملية التصويت ودفع رشاوي للناخبين أو ترهيبهم.
وقالت سو تشي إنها ستنتظر حتى تقرأ تقريرا حول الانتخابات أعده حزبها قبل أن تعلق على النتائج.
ورغم توقع قبول الصين وعدد كبير من حكومات جنوب شرق آسيا لنتيجة انتخابات ميانمار كخطوة للأمام، فإنه ليس من المرجح أن تقبلها بالمثل ديمقراطيات غربية.
وليس من المتوقع رفع العقوبات الاقتصادية ضد ميانمار ببساطة لمجرد إجراء الانتخابات وإطلاق سراح سو تشي.
وقالت سو تشي: إذا أراد الشعب حقا رفع العقوبات لمبررات مقبولة، ينبغي علينا صنعها.
وفاز (حزب الوحدة الوطنية) المؤيد للمجلس العسكري الحاكم أيضا ب63 مقعدا، فيما اقتصر نصيب حزب (القوة الديمقراطية الوطنية) المنشق عن حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية على 16 مقعدا فقط.
وحقق حزبان ممثلان للأقليات العرقية نتائج طيبة نسبيا في الولايات التابعة لهما، حيث حصد (حزب قوميات شان الديمقراطي) 57 مقعدا، بينما حصل حزب (تنمية قوميات راخين) على 35 مقعدا.
وقال خوينساي جايين، رئيس تحرير وكالة (شان هيرالد) للأنباء التابعة للمعارضة: آمل ألا تتخذ سو تشي موقف المواجهة على الفور.
وأضاف: نأمل أن نراها تجري حوارا ليس فقط مع الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية وإنما مع أحزاب الأقليات العرقية والمجلس العسكري الحاكم قبل أن تتخذ موقف المواجهة مجددا.
وأوضح أنها إذا اعتقلت مجددا فلن يكون ذلك جيدا بالنسبة لها ولا للقضية.