ناضل الحوثيون خلال الحروب الست من أجل العدالة والحرية ومن أجل النظام والقانون . وأثناء ثورة 11 فبراير ناضلوا – بصحبة كل الأنقياء- من أجل الدولة المدنية الحديثة وكان تواجدهم في الساحات أنيقا وملهما وقريبا من الحياة . اليوم اختلف الأمر كليا وبات الحوثيون يناضلون من أجل استعراض عضلاتهم الفائضة، وبعد شهر من إقرارا الجرعة، أحس السيد عبدالملك الحوثي بفداحتها "على الشعب . وكان من قبل يحسبها مجرد "تسلية"ستدفع بعدد من أنصاره ليصبحوا ممثلين للجماعة في عدد من الوزارات، وهذا بالتأكيد شيء من صميم حقهم، جماعة أصبح لها تواجد مؤثر في البلد، وهو يعني الإصلاحيين وإلا المؤتمريين أحسن من الحوثيين بأيش؟ كلنا يمنيين ومن حق الجميع أن يتعينوا ويتوظفوا ويتويزروا، ما فيش مشكلة خالص، المشكلة – فقط- في كوننا لا نعرف مصطلح "الشعب" إلا حينما يكون الأمر متعلقا بالمساس باحتياجاتنا الخاصة . كان يتعين على السيد عبدالملك الحوثي أن يبدو أكثر جرأة وصراحة ويقول بأن المحاصصة استثنت طرفا لديه القوة والحضور الشعبي وينبغي إعادة اللعبة من جديد وإلا حرام ما تنزل "طبه". ليس في ذلك أدنى تحرج أوعيب. أما أن يبدو الأمر مجرد تلويح باستخدام القوة، وفي ظروف عصيبة كهذه التي تعيشها البلاد عامة، وبالأخص الجيش اليمني المنهك واللي ما فيهش حيل لأي ملاحقة إضافية الآن، فإن في ذلك "مغالطة" للإحساس الجمعي، والمغالط ربي يدخله النار . لابد أن الحكومة استخفت باتفاقها غير المعلن بمنح الحوثيين عددا من الحقائب، ما أثار غضب السيد عبدالملك وما فيش معه حل الآن غير الأخذ بالحكمة القائلة "أن تنبع إلى الجرعة متأخرا خير من ألا تنبع من أساسه". وعشان كذا اختار الحوثيون الجمعة القادمة موعدا ل"نبعة" إسقاط الجرعة. الخطوة شجاعة بصراحة، وأشجع منها لو أن سيدي عبدالملك مهد لها بخطوات عملية تجعلنا نثق أن وراء هذه "النبعة" زعيما شعبيا من صدق. إسقاط الحكومة مطلب شعبي مهم بصراحة، على الأقل باعتبارها حكومة فاشلة بامتياز، لكن من واجب أي زعيم يريد أن يقوم بذلك الفعل -استجابة لمطالب الشعب حد زعمه- أن يبدأ أولا بإجراءات أنيقة تقدمه كزعيم شعبي بالفعل، مش كزعيم لجماعة مسلحة.