قال "ياسين سعيد نعمان" مرة: أنا لا أقود قطيعاً، وكان محقاً، أفضل ما في الحزب الاشتراكي اليمني أنه يترك لأعضائه مساحة كبيرة من الحرية، لطرح آرائهم حول كل القضايا، فضلاً عن ممارسة النقد الذاتي للحزب.! هذا ما جعل كوادر الحزب مميّزة، عقليات متقدة بالذكاء، وقدرات متقدة بالحماس، وفي الواقع هذا الحزب محظوظ بكوادره، بقدر نكبة كوادره بقياداتها..!! قدرات نوعية شابة، من أمثال: بشرى المقطري وهاني الجنيد وأنس القاضي وصلاح الدكاك وفتحي أبو النصر.. كلٌ منهم شعلة فكرية وسياسية ثورية تجعلك تشعر من بعيد بوهج وحرارة المشاريع الحداثية التقدمية التي يحملونها.. كلٌ منهم جيفارا يمني، حاضرٌ بقوة في المشهد السياسي والثقافي .. لكن في المقابل .. الحزب في حالة غياب تام، أو حضور هامشي، في كل مشاهد الحياة السياسية اليمنية الراهنة. ! الحزب الاشتراكي اليمني، ومنذ سنوات، في حالة إكلينيكية محبطة، تجعله رقما محايدا بين مراكز القوى، وعنصرا خاملا في التفاعلات السياسية..! إنه أكثر الأحزاب اليمنية ثراء بعوامل الحياة وفرص النجاح، وأهلية للقيادة والمبادرة، لكنه يخاف من المبادرة، ويتوجس من القيادة، ويتخلى عن كل ما من شأنه إنعاشه في حالته الحرجة.! أكثر من الانفصامية بين القيادة والأعضاء، يعاني الحزب أيضاً من انفصامية مواقف القيادات والأعضاء في القضايا المتعلقة بصراعات القوى التقليدية، بحيث انشطر الحزب بينها، ليعمل لصالح الجبهات الرجعية الاقطاعية التي يناوئونها إيديولوجيا وسياسيا..!! كم أتمنى أن أكون على خطأ، وأنا انتقد هذا الحزب، ولكن ألم يكن يُفترض بهذا الحزب العلماني الحداثي أن يفرض رؤيته العلمانية في الحوار؟! لكن ما حدث أنه اقترح أسلمة الدستور والحياة قبل الإخوان!. كان يجب على هذا الحزب، وهو حزب المؤسسات والدولة المدنية الحديثة، أن يعارض نفوذ القبيلة في الدولة، لكنه يساند الآن موقف المشايخ،! كان يجب عليه - وهو حزب البروليتاريا- أن يدعو لإنصاف الأكواخ من ظلم القلاع، لكنه يفعل العكس، كان يجب، وهو حزب المسحوقين والعمال والفلاحين، أن يقف ضد الجرعة بطريقته الواضحة.. لكنه يقف معها وبطريقة مراوغة! يصف البعض ما حدث للحزب بالخيانة، وفي كل حال لم يعد كما كان قبل سنوات، الحزب اليوم انسلخ عن نفسه، وبات يقف ضد قيمه وقضاياه وجماهيره، وفي جبهة خصومه التاريخيين، حسب فلسفة البروليتاريا والديالكتيك والصراع الطبقي..!!