احتفلت الأراضي المقدسة، مهد المسيحية، الجمعة بعيد الميلاد وسط منطقة أحزنتها هذه السنة مجزرة المسيحيين في العراق ونزوحهم منه، وتواجه مرة أخرى مأزق الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وفي مدينة بيت لحم الفلسطينية التي ارتفعت فيها زينة الميلاد وأعلام الفاتيكان، أقام بطريرك اللاتين في القدس فؤاد طوال قداس منتصف الليل التقليدي (21,00 ت غ) في كنيسة القديسة كاترينا الكائنة الى جانب كنيسة المهد في حضور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وشخصيات فلسطينية اخرى ومؤمنين اتوا من دول عدة وحتى من كوريا الجنوبية. وقال البطريرك طوال في عظته "أمنية العيد أن ترتفع دقات أجراس الكنائس فتغطي بالحانها صوت البنادق والرشاشات وآلات الموت في شرقنا الأوسط الجريح". واضاف "أمنيتنا في هذا العيد وفي مطلع السنة الجديدة، أن تصبح القدس الشريف، ليس فقط عاصمة لدولتين (إسرائيلية وفلسطينية)، وانما أيضا نموذجا حضاريا لعيش مشترك بين الأديان الثلاث على أساس التسامح والاحترام المتبادل والحوار البناء". وفي ما يتعلق بالأراضي المقدسة حصرا، تحدث بطريرك اللاتين عن (المه) حيال تعثر مفاوضات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية، مكررا القول "لا يجوز أن نتوقف عند هذا الفشل أو نشعر باليأس". وقد توقفت المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين منذ الفشل الذريع لمبادرة الولاياتالمتحدة التوصل إلى تجميد جديد للاستيطان الإسرائيلي. وتلقى الفلسطينيون هدية الميلاد خلال القداس اعترافا بدولتهم من الاكوادور التي أعلنت اعترافها بفلسطين دولة "حرة ومستقلة". واضاف البطريرك طوال "نؤمن بأن هناك رجالا ذوي إرادة طيبة من الطرفين ومن الجماعة الدولية يريدون وضع طاقاتهم في خدمة السلام". ودعا البطريرك فؤاد طوال (70 سنة) الذي يرعى الطائفة الكاثوليكية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن وقبرص إلى حوار الأديان باعتباره "حتمية مصيرية مطلوبة على المستوى العالمي، لانه الحل لمعظم مشاكلنا الحياتية والاجتماعية". وذكر بالآلام والهواجس المستمرة، وفي طليعتها مصير المسيحيين في العراق الذين ينزحون من بلادهم منذ مجزرة بغداد. وقال "في عالم يمزقه العنف والتطرف ويشرعن الاعمال السيئة حتى الاغتيالات في الكنائس، يأتي طفل بيت لحكم ليذكرنا بان الوصية الاولى هي الحب. يعلمنا التسامح والمصالحة وحتى مع أعدائنا".
وقال "صعقنا للمذبحة" التي تمت في بغداد داخل كنيسة سيدة النجاة معتبرا أن الضحايا الذين سقطوا هم "امتداد لالاف ضحايا العنف والاصولية التي تضرب اينما كان".
وفي 31 تشرين الاول/ اكتوبر الماضي، اسفر هجوم اعلن مسؤوليته عنه تنظيم القاعدة، على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في حي الكرادة وسط بغداد، عن مقتل 44 شخصا وكاهنين، مما ادى الى "نزوح" الالاف من مسيحيي العراق، كما ذكرت المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويبلغ عدد المسيحيين في العراق اليوم نصف مليون في مقابل 800 الف الى 1,2 مليون في 2003.
وبيت لحم التي ولد فيها المسيح، تزدحم بالزوار والسائحين الذين يتهافتون حتى الان بالالاف الى ساحة المغارة. وتفيد الاحصاءات الفلسطينية أن بيت لحم استقبلت حوالى 1,5 مليون زائر في 2010، والاراضي المقدسة اكثر من ثلاثة ملايين (رقم قياسي).
وأبدى البطريرك فؤاد طوال هذا الاسبوع في رسالة الميلاد ارتياحه لهذه النتيجة "التي تعكس البعد الكوني للقدس وبيت لحم والناصرة".
وأوضح "اتبنى كلمات البابا بنديكتوس السادس عشر: (...) اجدد ندائي كي تكون تضحية هؤلاء الاخوة والاخوات بذرة سلام وولادة جديدة وكي يجد جميع الذين يعملون من اجل المصالحة والتاخي والتضامن دافعا للعمل من اجل تحقيق الخير".
واضاف المونسنيور طوال "نأمل ان يعود السلام حتى الى العراق وان يتمكن البعض من العودة الى بلادهم ومنازلهم وكنائسهم وقراهم".
وعلى الصعيد الامني، تلقى الجيش الاسرائيلي الامر بتسهيل مرور الزوار المسيحيين على الحواجز، ومنهم فلسطينيو الاراضي المحتلة والعرب الاسرائيليين، خلال اعياد الميلاد.
وقررت سلطات الاحتلال الإسرائيلية منح اذونات مرور خاصة إلى فلسطينيي الأراضي المحتلة المسيحيين (7 الاف شخص) وغزة (500 شخص) لتمكينهم من التوجه إلى بيت لحم وزيارة عائلاتهم المقيمة في مناطق عادة ما تكون محظورة بما في ذلك في داخل إسرائيل.
وللمرة الاولى، سمحت إسرائيل ل200 مسيحي من بلدان عربية لا تقيم معها علاقات دبلوماسية (باستثناء مصر والاردن) بدخول الاراضي الإسرائيلية عبر الحدود الأردنية.
والطوائف المسيحية في الاراضي المقدسة تحتفل بعيد الميلاد في مواعيد مختلفة في 24 و25 كانون الاول/ ديسمبر للكاثوليك، وفي بداية كانون الثاني/ يناير للارثوذكس.
وكتبت على لافتات في شوارع بيت لحم (صلوا من أجل حرية فلسطين).