أعلن رئيس دائرة شئون المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الثلاثاء أن السلطة الفلسطينية تدرس مقاضاة قناة (الجزيرة) القطرية على حملة التحريض ضد مواقفها فيما يتعلق بالمفاوضات مع إسرائيل. وقال عريقات، في تصريحات لإذاعة (صوت فلسطين) إن كل الخيارات مفتوحة أمامنا لأن الطريقة التي تعرض فيها قناة الجزيرة الوثائق تحرض على القتل وعلى العصيان هذا أمر قد يسمح بأخذهم إلى أكثر مما هو محكمة عادية. وأضاف إن "محامين من دائرة شئون المفاوضات شرعوا بدراسة الموقف من كافة جوانبه وهذا.. تحريض حقير يحاول المس بكل فلسطيني يصمد في المفاوضات وهي عملية تحريض غير مسبوقة في تاريخ العرب". واعتبر عريقات أن قناة الجزيرة تشن حملتها "باسم إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية عقابا للسلطة الفلسطينية بسبب صمودها وتعليقها المفاوضات وتوجهها نحو مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان وطلب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية". واستغرب عريقات حديث الجزيرة عن امتلاكها 1600 وثيقة "فيما نلاحظ أن النشر يتم حول القدس واللاجئين لا يتعدى صفحتين وذلك من خلال الانتقائية والتحريف بغرض فقط تشويه الموقف الفلسطيني". ونفى وجود أي تنازلات في الموقف الفلسطيني فيما يتعلق بقضيتي القدس أو اللاجئين حسبما ادعت وثائق الجزيرة "لأن الموقف الفلسطيني يقوم على أنه يجب أن تقبل إسرائيل المسئولية عن اللاجئين والقرار 194 الصادر عن الأممالمتحدة". وفي شأن القدس، قال عريقات "قلنا القدس الشرقية والمسجد الأقصى هي مناطق محتلة لا توجد لها أي خصوصيات القدس الشرقية عاصمة لفلسطين والغربية عاصمة لإسرائيل وأن كان هناك تبادل للأرض يتم بالقيمة والمثل". وكانت قناة (الجزيرة) القطرية بدأت مساء الأحد نشر أكثر من 1600 وثيقة سرية تتعلق بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وذلك بعد أن حصلت على وثائق ومحاضر مهمة لجلسات خلف الكواليس. ولم تكشف القناة عن مصدر هذه الوثائق التي تفول إن السلطة الفلسطينية قدمت تنازلات غير مسبوقة فيما يتعلق بقضايا الوضع النهائي مع إسرائيل خاصة القدس واللاجئين. ومن جانب آخر، اعتبرت حركة المقاومة الاسلامية حماس أن الوثائق التي عرضتها قناة الجزيرة، حول مسار المفاوضات في ملف اللاجئين، تظهر استعداد مفاوضي حركة فتح للتنازل عن حق العودة للاجئين. وقال المتحدث باسم حماس، فوزي برهوم في تصريحٍ الثلاثاء إن هذه الوثائق تؤكد أن السياسة التي اتبعها المفاوض الفلسطيني هي سياسة ممنهجة قائمة على التنازل وليس تأكيد حق العودة.
ووصف ما حصل بأنه عبارة عن (كارثة تاريخية) بحق الشعب الفلسطيني من قبل "سلطة فتح وفريقها المفاوض"، مشدداً على أن ما كشفت عنه الوثائق عكس محاولة هذه السلطة تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. ورأى أنه لا مجال للتشكيك في هذه الوثائق التي "شكلت صدمة لكل أبناء الشعب الفلسطيني وكل المتابعين للقضية الفلسطينية، كونها أظهرت أن هذا الفريق لا يعبر عن نبض الشارع ويتنازل عن الثوابت". وقال برهوم "هذا الفريق قام بعملية سطو على القضايا الرئيسة لشعبنا وبات يبيعها بأبخس الأثمان لصالح مصالح شخصية أو فئوية ضيقة تحت لافتة منظمة التحرير". وكانت الوثائق التي عرضتها (الجزيرة) أظهرت أن مفاوضي السلطة الفلسطينية قدموا تنازلات جوهرية بشأن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها في 1948، وهو حق ظل لعقود أحد الثوابت الوطنية لحركة التحرر الفلسطينية. كما أظهرت وثائق أخرى تنازلات بشأن يهودية إسرائيل وحدود الدولة الفلسطينية المفترضة. ووفقا لمذكرة داخلية لمفاوضي السلطة مؤرخة في 24 يوليو/ تموز 2008، فإن الرئيس الفلسطيني "محمود عباس قدم عرض متدنيا جدا لعدد اللاجئين العائدين إلى أراضي 48 بعد مضي أسابيع قليلة على بداية العملية" التفاوضية. وتشير المذكرة إلى ورقة قدمها عباس إلى الطرف الإسرائيلي عام 2007 تؤكد أن "الجانب الفلسطيني مستعد للتنازل عن عودة ملايين اللاجئين والاكتفاء بعودة عشرة آلاف لاجئ سنويا لمدة عشر سنوات (أي بما مجموعه مائة ألف لاجئ)، مع إمكانية تجديد هذه الاتفاقية بموافقة الطرفين". ولكن حتى هذا التنازل الكبير رفضته إسرائيل، فوفق العرض المقدم من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت إلى عباس في 31 أغسطس/ آب 2008 فإن "إسرائيل ستسمح بعودة ألف لاجئ سنويا لمدة خمسة أعوام، وذلك لدواع إنسانية".