لم يعد جورج ميتشل في جولات مكوكية بين تل أبيب هاشم عبد العزيز ورام الله ووزيرة الخارجية كلينتون التي زارت مصر وتونس لم يكن في موضوعاتها أزمة الشرق الأوسط وإن هي وضعت في الأولوية "استقرار" و"استمرار" العلاقات المصرية ال"إسرائيلية"..وإطلالة الرئيس الأميركي من خلال "خطابات" ومؤتمرات صحفية والتي تجري في اليوم مرات عديدة يسهب خلالها الحديث حول الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية دونما مجرد ذكر أو إعادة تذكير بأن الشرق الأوسط "مستقر" على أزمة متداعية على أمن واستقرار هذه المنطقة ومصالح عالمنا بأسره. قد يرى البعض أن ما يجري في المنطقة العربية ليس مستجد لا بد وأن يكون له تأثيراته وحسب بل وجاء مفاجئا وفي منطقة المصالح الأميركية حيوية وإستراتيجية بما يطرح ذلك على الإدارة الأميركية ومع التسليم بهذه الحقيقة، غير أن الموضوع الأساس هو في طبيعة التعامل الأميركي إزاء هذه المنطقة بأزمتها المتفاقمة والمتفجرة والمتداعية جراء السياسة الصهيونية المدعومة من القوى الاستعمارية وفي الأبرز الأميركية من جهة وما هو جاري على المستجدات وجديد النهوض في المنطقة العربية لاستعادة الشعوب لكرامتها وإرادتها ومستقبل أجيالها التي أطلقته حركة التغيير الشبابية العربية لاستعادة هذه الأمة حقوقها ومصالحها ودورها في المسيرة الإنسانية التي سلبت وأجهضت جراء النفوذ والتدخل والهيمنة الاستعمارية وجراء التبعية المستدامة التي تنافست خلالها الأنظمة العربية فكان انفصالها عن الشعوب العربية لا بالمعيار السياسي الاجتماعي بل وبالهوية لهذه التبعية من جهة ثانية. معلوم أن الولاياتالمتحدة بعد مؤتمر مدريد للسلام اختطفت أزمة الشرق الأوسط وهذه المنطقة وحاولت منذ ذلك الحين أن ترتب أوضاع تقوم على تطويع الوضع العربي عامة والفلسطيني خاصة لواقع الاحتلال وهي أطلقت عديد مشروعات وخاضت بالآلية الصهيونية حروب تدميرية كما تجاه لبنان وغزة وعمدت إلى تقسيم الدول العربية وشرذمت الوضع الفلسطيني ودعمت عمليا الكاسحة الاستيطانية الصهيونية في الأراضي الفلسطينية وهي ساندت الموقف الصهيوني رفض مبادئ وقرارات الشرعية الدولية بإطلاق مشروعات بديلة لحلول لا تستوعب الحقوق الفلسطينية والعربية وتؤمن الاحتلال بوجوده وتوجهاته..فماذا كانت النتيجة من كل هذا بالنسبة للأزمة الشرق أوسطية؟ في شأن الأحداث والتطورات والثورات العربية الولاياتالمتحدة تبدو متواجدة على نحو لافت بل ومثير لأسئلة عديدة فهل هذه محاولة لتعويض المفاجآت التي أصابت الإدارة الأميركية من هذا الانفجار الزلزالي العربي؟ أم أن هذا الحضور الأميركي يستهدف "تدجين" هذه التحولات ذات العقد الوطني الاجتماعي الإنساني غير المسبوق لتبقى أسيرة أوضاعها بما يعني ذلك من مخاطر الانحسار الانتحاري لإجهاض النهوض العربي في أي بلد في سياق قد يأتي بوجه آخر ولكن لذات الهدف للقوى الصهيونية والاستعمارية؟ في أي حال ما يجري في المنطقة العربية تاريخي وهذا لا يحدث بالرغبة والآلية الأميركية وهذه القضية.