براقش نت - انفجر محمد أحمد، في الثلاثينات من العمر، باكيا للناس في أحد أسواق العاصمة اليمنية صنعاء يتوسلهم لإعطائه ما يكفي لإطعام ابنته ذات الثلاثة الأشهر التي تكاد تموت من الجوع، فالتفت إليه بعض المارة وأعطوه قيمة الحليب لابنته. أحمد، الذي أصبح عاطلا عن العمل منذ أربعة أشهر حين سرح من وظيفته في إحدى الشركات الخاصة بسبب الأزمة الاقتصادية في اليمن، قال للشرفة إنه استنفذ كل مدخراته وباتت أسرته تعاني من الجوع. "وعندما فكرت بالعودة إلى قريتي، ارتفعت كلفة السفر إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل أزمة المشتقات النفطية، ما حال دون عودتي"، على حد قول أحمد. ويؤكد خبراء اقتصاد على اتساع رقعة الفقر في اليمن مع تصاعد وتيرة الأزمة الاقتصادية. وقد لوحظ في الآونة الأخيرة ازدياد أعداد المتسولين في الشوارع ودخول فئات جديدة لامتهان التسول، بالإضافة إلى أن مئات الآلاف من الأسر دخلت مرحلة الجوع، وهي عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات الغذاء الأساسية. وكشف مشروع الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الذي أعدّته الحكومة اليمنية بالتعاون مع المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء (IFPRI) أن 32 في المائة من سكان اليمن غير آمنين غذائياً، وذلك يعني أن حوالي ثلث اليمنيين أو 7.5 مليون شخص يعانون من الجوع ولا يوجد لديهم أغذية كافية، كما أن 57 في المائة من مجموع الأطفال يعانون من سوء التغذية. وقال الدكتور فضل مثنى، وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، للشرفة إن "الدولة تكافح الفقر من عدة جوانب وإقرار 500 ألف حالة هذا العام في شبكة الضمان الاجتماعي إضافة إلى أكثر من مليون حالة في السابق هو شكل من دعم الأسر الفقيرة". وعن الانتقادات التي توجّه للحكومة بسبب انخفاض مبالغ الرعاية الاجتماعية التي تعطى للأسر الفقيرة، قال مثنى "إن هذه المبالغ تأتي في إطار إمكانيات الدولة ومقدرتها". أما فيما يخص الدراسات الاجتماعية التي تقوم بها الوزارة في الوقت الراهن لتقييم الظواهر الاجتماعية للفقر وزيادة أعداد المتسولين، أكد مثنى أن "الأوضاع السياسية والاقتصادية انعكست سلبا على كل وظائف الدولة وانعدام الأمن والاستقرار يؤثر سلبا على أي نشاط اقتصادي وهو ما أدى إلى زيادة في الفقر وخاصة فقر الغذاء". وقد حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من كارثة غذائية في اليمن جراء انقطاع المشتقات النفطية والكهرباء وارتفاع مخيف في أسعار السلع والخدمات. ولفت المركز في بيان صحافي نشره مطلع الشهر الجاري، إلى ارتفاع الأسعار الذي وصل في حده الأدنى إلى 50 في المائة ووصل حده الأعلى إلى سبعة أضعاف سعر المنتج قبل الأزمة. وأكد أن هذه الارتفاعات تخلق صعوبات في وصول تسعة ملايين من اليمنيين الفقراء للغذاء، محذرا مما سيخلفه ذلك من أضرار نفسية واجتماعية مستقبلية لن يتجاوزها اليمن خلال فترة قصيرة. وفي حديث للشرفة، قال مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إن "نسبة الفقر وفق الإحصاءات الرسمية كانت 47 في المائة قبل انطلاق ثورة الشباب قبل خمسة أشهر، ولكن الرقم مرشح لتجاوز أكثر من نصف سكان اليمن". وبين نصر أن فئات جديدة دخلت دائرة الفقر وهم العاملون في قطاع المقاولات وقطاع السياحة، حيث توقف العمل في هذين القطاعين تماما، إضافة إلى أن كثيرا من شركات القطاع الخاص سرحت جزءا من موظفيها، أو أعطت الجزء الآخر إجازة مفتوحة. "استمرار ثورة الشباب لأكثر من خمسة أشهر جعل الأسر ذوي الدخل المحدود أو المنخفض من ضمن شريحة الفقراء مما أدى إلى لجوء بعضهم للتسول لسد حاجة عائلته من الجوع وتوفير مياه الشرب"، على حد تعبيره.