ربما تحتاج أن تكون أجنبياً لتشعر بالشفقة تجاه هذا البلد الذي لا يحبه أبناءه، ويأكله أهله وأقاربه.. في تناحراتهم السرمدية.. وينتحر اليوم مجددا، وكما في كل مرة، مع سبق الإصرار والترصد.! أزمات متصاعدة، وصراعات متصاعدة، لا ضوابط أو أخلاقيات من أي نوع أو درجة تحكم هذه الاشتباكات الضارية، سوى القاعدة الأنانية البدائية: أنا وبعدي الطوفان. كيف يفكر صناع الأزمات والحروب الباردة والساخنة.. بحيث لا يتورعون عن اللعب بانتهازية غبية، وقذف بعضهم بحجارة جدار آيل للسقوط.!؟ حتى القرود لا تخوض حروباً بالوكالة عن الثعالب، ولا تتصارع على المراكب الموشكة على الغرق!. كان يكفي ما مرّ، لنتوقف عن الاستمرار في اللعبة الخطرة، في تخريب الوعي "رأس مالنا الوحيد"، وتدمير الدولة "خيمتنا الوحيدة"، وتدمير الوطن "الأرضية التي يقف عليها الجميع".! لكن اللعبة الخطرة مستمرة، ونحتاج لكمٍ هائلٍ من الوعي، وحقبة طويلة من الأنسنة، لندرك أننا نخسر جميعا حين نتقاتل بأفلاذ أكبادنا، ونهدر ذخائر تاريخنا، ومقومات مستقبلنا، في سبيل مصالح شخصية أو فئوية عابرة.! العملية السياسية، مع أن تسميتها باللعبة فيه نوع من المجاز، هي في الأخير، قائمة كأيّ لعبة أخرى، على مجموعة من القواعد والأدوات المتفق على التزامها مبدئيا من قبل جميع اللاعبين. كان يفترض أن يتفق الفرقاء، في اليمن، كما يحدث في معظم بلدان العالم، على أرضية للعبة والخلاف السياسي، تتضمن ولو الحد الأدنى من القيم الإنسانية، والضوابط الأخلاقية، والالتزامات المسئولة تجاه المجتمع والوطن والدولة والشعب. يفترض عفويا أن يتم الراع أو الحوار على أرضية صلبة من القيم المبدئية المشتركة والمتفق عليها، ما لم فلن يصل الحوار أو الصراع إلى نتيجة، ولن ينتصر أحد، وستنهار الأرضية الهشة المتآكلة لقاعة الحوار أو حلبة الصراع، ويقع الجميع في نفق مظلم يؤدي إلى الغابة. هذا ما يحدث وسيحدث في اليمن، كما حدث لبلدان عربية وإسلامية أخرى، كالعراق وسوريا مؤخرا، والصومال وأفغانستان من قبل. الأرضية التي تجري عليها الصراعات في اليمن، الآن، كالأرضية التي كانت تجري عليها الصراعات في الصومال وأفغانستان، أرضية هشة وتتآكل باستمرار، وقد تنهار وتنقض في أي لحظة على رؤوس الجميع، لصالح الفوضى والإرهاب الذي لن يرحم أحدا من أمراء الحرب وزعماء الطوائف والنخبة السياسية النزقة. ... أوقفوا المهزله .. هذه الأرض للعشق والضوء والياسمين.. ولحن المواويل .. والأخيله. عندما ترحل الأغنيات ويخبو الجمال وتغفو القناديل والأسئله.. يصبح القتله .. سادة المرحله..!! ...