لا جدال في تعاظم العراقيل والصعاب التي تعترض مسار التسوية السياسية, إنما بالقدر ذاته –والتفاؤل هنا محمود- لا يمكن تجاهل معطيات الشهرين الماضيين منذ سريان المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية, وما أسفرت عنه من معطيات توافقية, الرهان معها على إدراك خطة التسوية لجل غاياتها ليس خاسراً بالضرورة. الإسراف –من ثم- في التشاؤم لدى أي كان, أو أية جهة كانت, لا يعني أن ما يتوافر من دواعي إحباط التسوية السياسية حتمى وأزلي, بل إن موجبات نجاحها هي الثابتة من حيث المبدأ, بصرف النظر عن مدى قدرة شريكي –أو شركاء- التسوية التوافقية على استثمار ما يحفها من فرص المضي قُدماً, كاستحقاق وطني بمظلة إقليمية ودولية. ولعل المتأمل في الظاهر من لغة الخطاب التوافقية التي تشي بالتفاف حكومة الوفاق الوطني حول جوامع الكلم –مهما يكن من شأن الأخرى المناقضة- يدرك بالفعل أن ثوابت الشراكة بين فريقي التسوية السياسية, بالقياس إلى حجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقيهما, أكثر من متغيراتها بكثير, على الأقل في حدود إنجاز الآمال المعقودة على أن لا تنقضي المرحلة الانتقالية بجزئيها إلا وقد أرست أسس يمن جديد, يبني على التجربة الناجزة ديمقراطياً ومدنياً, ولا يهدمها. قدرة شركاء التسوية على استثمار فرص نجاحها لإنجاحها بروح الفريق الواحد ممكنة الحدوث بالتأكيد, وبمراتب متقدمة أيضاً, وإن كان من طارئ قد يُفسد للود قضية فليس بمثابة استعادة الصدور عن ذهنية ما قبل التوافق والشراكة فتكاً بعرى التسوية وتقطيعاً لأواصرها.. أما ما دون ذلك ف"يهون.. ثم يهون". إقرار قانون الحصانة وتزكية نائب رئيس الجمهورية لشغل منصب الرئيس خطوتان مطمئنتان على أن الطريق الى 21 فبراير القادم على قدر لا بأس به من الأمان وموجبات السلامة, وبإضافتهما إلى سابقاتهما في سياق تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية نكون أمام انعطافة لها وزنها على صعيد الدفع بعجلة التسوية إلى الأمام. هنا ربما يكمن سرّ استغراق رئيس حكومة الوفاق الوطني في البكاء قبيل إقرار القانون وتزكية النائب رئيساً قادماً.. إذ بذات القدر الذي تكون فيه أية إعاقة لاستكمال بند كهذا نذير شؤم على الأمن والسلم الوطنيين فإن الإذن بإقرار واحد من أهم بنود التسوية السياسية, كالذي تم في مجلس النواب مطلع الأسبوع, أعطى الوفاق دفعة متقدمة حقَّ لباسندوة أن يُسبل الدمع راجياً إدراكها.