كل شيء مآله الى التغيير إلا التغيير ذاته، فالمفهوم العام للتغيير هو التحول من حال الى حال، سواء بشكل جزئي أو كلي، إيجاباً أو سلباً، ينطبق على الافراد مثلما ينطبق على المجتمعات والدول وحتى العالم والكون. في مقدمته الفذة يقول ابن خلدون: «إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة، ومنهاج مستقر، إنما هو الاختلاف على الأيام والأزمنة، وانتقال من حالٍ الى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأبصار، فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول، سنة الله التي قد خلت». ونوع التغيير الذي نقصده هنا هو الايجابي على كل حال، وهو الذي يأتي بإرادة الشعوب، فما كان يعد اذعان اجتماعي في دول الربيع العربي قبل ان تنتفض شعوبها وتثور، وبدا وقد طال به الأمد، عصياً على التغيير كان في الواقع مرحلة من مراحل التحول الاجتماعي في طور الكمون وليس إذعاناً، وعندما استشعر نضجه تفجر في اللحظة المناسبة، في المقابل كانت دول الربيع العربي التي تفجرت الثورات فيها: تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، قد أزمنت وتجمدت الأنظمة فيها،واستهلكت كل مبررات استمرارها، فطول المدة ينهي أي نظام- كما يقول الدكتور مأمون افندي، فالانظمة تشيخ وتموت مثل البشر، والشرعية مثل الأطعمة لها مدة صلاحية، متى ما انتهت اصبحت سماً زعافاً». حسب التاريخ انه يتغير،لا يسير في خط مستقيم على هوى الحاكمين، انه في لحظاتٍ ما يغير مساره فيأخذ خطوطاً منفرجة، هذا هو دهاء التاريخ ومكره لمن يفهم،وهذه ثورات الربيع العربي،والثورة الشبابية الشعبية السلمية هنا في اليمن، واليمن يتغير انه في حالة تغيير الآن،هي نتاج هذه الثورة قد يتبدى التغيير بطيئاً،أوهادئاً، ولكنه في التحليل الأخير قائم وفي المسار ويتحقق،إنه التغيير بأقل الخسائر، وخارطة طريقه الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي تنتهي الى ما تريده الثورة الشبابية الشعبية على اي حال. هذا التوافق الوطني على التغيير يؤتي ثماره، فبعد اقل من عشرين يوماً سيكون اليمن على موعد مع الانتقال السلمي للسلطة في انتخاب المرشح التوافقي لرئاسية الجمهورية وهو الاخ عبدربه منصور هادي لتدخل اليمن مرحلة جديدة من التغيير والبناء باتجاه التحول الى الديمقراطية والدولة المدنية. أن نذهب جميعاً كناخبين الى صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء 21فبراير الحالي للتصويت للمرشح التوافقي رئيساً للجمهورية، فنحن إذاً مع التغيير نحو يمن جديد خالٍ من الفساد، يمن الديمقراطية والدولة المدنية، يمن يتقدم لا يتقادم.