حدد الرئيس السوري بشار الاسد يوم السادس والعشرين من فبراير شباط الجاري موعدا للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد الذي أقر التعددية السياسية واسقط ما يشير في المادة الثامنة الى ان حزب البعث الحاكم هو قائد البلاد. كما أشار مشروع الدستور الذي نشرته وسائل الاعلام السورية يوم الاربعاء الى أن سوريا ستجري انتخابات برلمانية خلال 90 يوما من الموافقة على مشروع الدستور. وكان الاسد الذي يواجه موجة من الاحتجاجات ضد حكمه منذ 11 شهرا اصدر في اكتوبر تشرين الاول الماضي قرارا جمهوريا بتشكيل لجنة وطنية لاعداد مشروع دستور جديد خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر. وخلال العام الماضي رفع الاسد حالة الطوارئ ووعد باجراء انتخابات برلمانية تعددية استجابة لضغوط المتظاهرين الذين يطالبون بانهاء حكم عائلة الاسد المستمر منذ 41 عاما. ولكن النشطاء يقولون ان الاسد أرسل دبابات وجنودا الى شتى أنحاء البلاد لسحق المظاهرات المستمرة مما يثير شكوكا في مصداقية لفتاته الاصلاحية. ويتكون مشروع الدستور الجديد من 157 مادة موزعة على ستة ابواب. وكان البارز في الدستور الجديد عدم تضمن المادة الثامنة أي اشارة الى ان حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم هو "الحزب القائد في المجتمع والدولة" كما جاء في الدستور المعمول به حاليا والذي كان قد عدله الرئيس الراحل حافظ الاسد والد بشار في السبعينات وأسقط منه أي شكل للتعددية السياسية. وجاء في المادة الثامنة "يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة ديمقراطيا عبر الاقتراع. وتسهم الاحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية وعليها احترام مبادىء السيادة الوطنية والديمقراطية." ولا يشجع الدستور الذي عدله في السبعينات الرئيس السوري الراحل أي شكل للتعددية السياسية بالنص على أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة." كما لم يأت مشروع الدستور الجديد على ذكر نص اخر يقول ان حزب البعث وحده هو الذي يحق له ترشيح رئيس الجمهورية بالاضافة الى العديد من القوانين التي أقرت في الخمسين عاما الماضية والتي تقول المعارضة انها تسمح للاسد وجهازه الامني بممارسة القمع وبالفساد والافلات من العقاب. وقال المحامي السوري عمران الزعبي احد اعضاء لجنة تعديل الدستور للتلفزيون السوري "كان النظام يقوم على قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع -موضوع المادة الثامنة من الدستور- هذه المادة لم تعد موجودة في الدستور حل محلها نظام اخر." أضاف "هنا هذا النظام يقوم على مبدأ التعددية السياسية والحزبية والممارسة الديمقراطية عبر صناديق الانتخاب. الوصول الى السلطة عبر صناديق الانتخاب... ولكن هذا لا يعني أبدا انه لا يوجد هناك ثوابت وطنية وقومية لا تستطيع أي كتلة سياسية أي حزب أن يخرج عنها. يعني لا يستطيع أي حزب او كتلة سياسية ان تتخلى عن المقاومة لا تستطيع اي كتلة سياسية ان تتجاوز تحرير الجولان لا تستطيع اي كتلة سياسية او حزب أن يتنازل عن شبر من الاراضي السورية." ومضى يقول "أمامهم جمهور وشارع وعليهم ان يقنعوا الجمهور بأفكارهم وبممارستهم السياسية...في حال لم يصلوا الى السلطة يصبحون معارضة برلمانية...وهذا ينطبق على كل القوى." وحسب مشروع الدستور "تجري الانتخابات لاول مجلس شعب في ظل الدستور خلال 90 يوما من تاريخ اقراره بالاستفتاء الشعبي." وبرز في مشروع الدستور مادة انتخاب رئيس الجمهورية التي قالت "ينتخب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة لمدة 7 اعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم ولا يجوز اعادة انتخاب رئيس الجمهورية الا لولاية واحدة تالية." ولم يحدد الدستور السوري المعمول به منذ السبعينيات سقفا زمنيا لاعادة انتخاب الرئيس اذ ان الرئيس الراحل بقي في الحكم لما يقرب من ثلاثين عاما حتى وفاته عام 2000 . ويقول مراقبون انه سيكون من الصعب اجراء الاستفتاء على الدستور الجديد في الوقت المحدد في ظل المواجهات العسكرية بين الجيش السوري والمعارضة في مناطق سورية عدة وخصوصا في حمص. ورفض ملحم الدروبي من الاخوان المسلمين وعضو المجلس الوطني السوري المعارض الدستور الجديد وأعتبره "جاء متأخرا على الاقل 11 شهرا." وأضاف في أتصال مع رويترز ان الدستور الجديد "لن يغير من الامر شيئا. الشيء الوحيد الذي يمكن ان يفعله بشار الاسد هو ان يستقيل ويرحل." وتسمح بعض القوانين التي أقرها الاسد في العام الماضي بالاحزاب التي تلتزم بالمبادئ الديمقراطية وأسست لجنة للانتخابات. ولا يوجد في البرلمان السوري الحالي أي شخصية معارضة.
* (رويترز) من ليلى بسام (شاركت في التغطية اريكا سولومون)