حسنا فعل نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية, حينما أكد عدم خوضه الانتخابات الرئاسية حسما للجدل المثار حول فكرة طرحه كرئيس توافقي. وطبقا لما نشرته الصحف فقد اتخذ العربي هذا الموقف بعد تعرضه للهجوم من بعض وسائل الإعلام, التي تحدثت عنه وكأنه مرشح للمجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين. أتمني لو التزمت جماعة الاخوان المسلمين بما قطعته علي نفسها من عهد بعدم ترشيح أي من المنتمين إليها في الانتخابات الرئاسية الحالية, وليتها تستكمل هذا العهد بعدم تسمية أي مرشح في الفترة الحالية وحتي انتهاء غلق باب الترشيحات, ولا تدفع بأحد في اللحظات الأخيرة وإن كان من حقهاأن تفعل إلا أن ذلك سوف يعطي مصداقية أكبر لتعهدات حزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان بعدم خوض الانتخابات الرئاسية. نفس الموقف أتمني أن يتبناه المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليترك الساحة مفتوحة لاختيار المواطنين في أول انتخابات رئاسية حرة ونزيهة بعد ثورة25 يناير, لأن الحديث الذي يروجه البعض عن صفقة بين الاخوان والمجلس الأعلي للقوات المسلحة في الانتخابات الرئاسية يتم ترويجه للتشكيك في نزاهة الانتخابات بشكل ضمني, مؤكدين أن ذلك عودة الي عصر التوجيهات والتعليمات والدعم المباشر وغير المباشرلمرشح بعينه, وأعتقد أنه من الأفضل لكل الأطراف أن يرفعوا أيديهم عن الانتخابات الرئاسية لنشهد منافسة انتخابية حقيقية ومتكافئة بين جميع المرشحين. المرشحون الحاليون فيهم جميع التيارات والأطياف السياسية, وهؤلاء هم الذين قرروا خوض الانتخابات الرئاسية منذ فترة ولديهم رؤيتهم وبرامجهم لتلك الانتخابات, ومن الغريب أن يصحو مرشح فجأة ليرغب في ترشيح نفسه, والأمر المؤكد أن موقفه سوف يكون مكشوفا لأنه مرشح سابق التجهيز ليس لديه رؤية أو استراتيجية أو برنامج, وانما جاء لينفذ أجندة من دفع به الي الساحة فهو مجرد ستار, ومن يرضي لنفسه بذلك لابد أن يرفضه الشعب. عمليا من حق جماعة الاخوان المسلمين أو المجلس الأعلي للقوات المسلحة طرح مرشح أو أكثر, إلا أنهما أكدا في أكثر من مناسبة ومرات عديدة, نفي ذلك, وبالتالي فإن الزج بمرشح في اللحظات الأخيرة يعتبر اخلالا بتلك التأكيدات. قد يقول قائل ولماذا الخوف اذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة؟!.. الإجابة أننا نريد انتخابات بلا توجيهات وبلا تعليمات.. انتخابات متكافئة لكل المرشحين علي الأقل في تلك المرة حتي يقول الشعب كلمته في اختياره لرئيسه المقبل, خاصة أنه لم يعد هناك سوي15 يوما فقط تفصلنا عن فتح باب الترشيح لتلك الانتخابات طبقا لما أعلنه المستشار فاروق سلطان رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية, كما أن مستندات الترشح تتطلب دعم30 عضوا من أعضاء مجلسي الشعب والشوري, أو ثلاثين ألف مواطن مصري من خمسة عشر محافظة علي ألا يقل عدد المؤيدين من المحافظة الواحدة عن ألف مواطن.. أي أن الأمر ليس فسحة أو قرارا مفاجئا, وانما يحتاج الأمر الي تحضير وتجهيز وإعداد مسبق ولو أن هناك مرشحا يرغب في دخول ماراثون الانتخابات الرئاسية لكان قد أعلن عن نفسه كما فعل باقي المرشحين وأعلنوا عن نيتهم خوص الانتخابات, أما أن يظهر مرشح فجأة في آخر لحظة فهذا هو الغريب وغير المستساغ حتي وإن كان ذلك من حقه عمليا ومن حق من يقف خلفه من وراء ستار. الانتخابات الرئاسية يجب أن تكون البداية لانتخاب القيادات التنفيذية بدءا من عمدة القرية ومرورا برؤساء المراكز والمدن والمحافظين, وانتهاء برئيس الجمهورية فلا يعقل أن يكون رئيس الجمهورية بالانتخاب, وأن تظل طريقة اختيار المحافظين والعمد ورؤساء المدن والمراكز بالتعيين, وهي الطريقة التي ثبت فشلها علي مدار السنوات الماضية, والغريب إن عمدة القرية كان يتم انتخابه من قبل حتي تم إلغاء ذلك النظام وأصبح العمدة بالاختيار ليصبح تابعا لوزارة الداخلية, وليت مجلس الشعب يبدأ من الآن وفورا فتح ملف الإدارة المحلية وتعديل طريقة اختيار المحافظين والعمد كمرحلة أولي وفورا لتصبح بالانتخاب بدلا من التعيين, علي أن يتم تعميم هذه الطريقة في باقي المناصب القيادية في مختلف المجالات التي لها علاقة بالسلطات والمؤسسات العامة حتي تنتهي طريقة أهل الثقة والشللية وأصحاب المصالح في الاختيار, التي أدت الي انهيار المؤسسات العامة طوال الستين عاما الماضية وحتي الآن.