نظرياً، لا غبار على المطالب التي وجَّهها السيد عبدالملك الحوثي للرئيس هادي، أما عملياً فهناك الكثير من الغبار في النهدين وبيت بوس وحول القصر الرئاسي ومنزل الرئيس هادي نفسه. غبارٌ لم ينصّ عليه اتفاق السلم والشراكة.. وهو، كما قال السيد، جزءٌ من إجراءات مفتوحة، ولا ندري ما الذي يمكن أن يكون تصعيداً بعد السيطرة على البقية الباقية من سياجات وأسوار المباني الرمزية السيادية للدولة!! ثمَّ ما معنى مطالبة طرف متمكِّن لطرف غير متمكِّن بشراكة، بعد أن صار الطرف الأول لا شريك له، والطرف الثاني صفر اليدين وبلا أوراق يمكن مشاركتها؟! خلال السنوات القليلة الماضية لم ينشغل الرئيس هادي ببناء الجيش بل بتمزيق الحرس الجمهوري، ولا ببناء المؤتمر بل بإقصاء عفاش، ولا بحل مشكلة الجنوب بل بتفتيت القوى الجنوبية، ولا بالقضاء على مراكز القوى بل باللعب على تناقضاتها.. هكذا فرط الرجل بحلفائه وشركائه، ونقاط قوته وقوة الدولة، وهو اليوم، في وضعه الذي لا يحسد عليه بلا حزب ولا جيش ولا دولة، ولا حتى سمعة وشعبية كان يمكنها مواساته في وحدته الموحشة. أياً كان الأمر، فقد كان مسالماً، يؤمن بالحوار حتى لو لم يعمل بنتائجه، ومهما بلغ حجم أخطائه فهي لا تبرر ما حدث في صنعاء، مؤخراً، وكما أن إفراط الدولة بالجنوح إلى السلم خطر يتهدد كيانها ومستقبلها، فإن إفراط الحوثي في التعويل على القوة خطر يتهدده هو نفسه كياناً ومستقبلاً.