لأهمية وخطورة ما يتضمنه هذا الموضوع فانه يشرفني أن ابعثه خطابا مفتوحاً إلى فخامة الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي حفظه الله ورعاه وسدد خطاه. لعل ما جاء به الخطاب يمثل نقطة فارقة بين أن يعيش اليمنُ بكرامة أو أن يعيش مقسما بين أفراد عصابة لا ترحمه كانت - ولا أريد أن أقول: - مازالت تحكم اليمن. رغم كفاءة اللواء أحمد بن بريك وقدرته على إدارة المنطقة العسكرية والشرقية في محافظة حضرموت إلا أن تعيينه من قبل الرئيس السابق علي عبد الله صالح بدلاً عن اللواء محمد علي محسن جاء من باب المكايدة لإثارة مشكلة بين اللواء محسن وأهل حضرموت.حتى أن اللواء بن بريك لم يتشبث حينها بقرار تعيينه .غير أن ما يُستغرب له أن يتم مؤخراً تعيين اللواء "علي الجائفي" بدلا عنه في هذا المنصب . ما يلاحظ في السنوات الأخيرة أن الكثير من عمليات التقطع والعمليات الإرهابية التي أودت بحياة الكثير من الجنوبيين وبالخصوص القيادات الأمنية منهم ؛ يتم ذلك في كثير من الأحوال على بعد أمتار من نقاط عسكرية تابعة لقيادة المنطقة ورغم أن هذه النقاط بكامل جاهزيتها إلا أنها لم تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها وينطبق الأمر ذاته على تقطيع جملة من الكيبلات الكهربائية وتفجير أنابيب النفط في منطقة مأرب. هذه السلبية واللامبالاة من قبل النقاط العسكرية تعود لجملة من الأسباب غير أنني سأكتفي بأهمها وهو ضعف التربية الوطنية وبالتالي ضعف الانتماء للوطن خلافا للهدف الثاني من أهداف الثورة السبتمبرية. ولعل الأحداث التي مرت بها البلد أكبر دليل على انحراف تلك الولاءات وهو ما دفع الوطن جراءه أثماناً باهظة. لو أن أفراد هذه النقطةالعسكرية وقائدهم ينتمون إلى هذه البقعة من الوطن لكان تصرفهم ايجابيا تجاه ما يحدث من فساد وإزهاق للأرواح البريئة . في اعتقادي أن تعيين قائدا جديدا للمنطقة الشرقية يُعد أمرا فارقاً بين استمرار فساد أقطاب النخب الحاكمة وبين استئصاله. خاصة إذا ما عرفنا ما يقدمه نفط وبحر محافظة حضرموت من نسبة تفوق ال70 % من الموازنة العامة للدولة اليمنية ، ولعلنا نتذكر كلمة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في مجلس النواب في معرض رده على أحد النواب حين قال :(مرتباتي ومرتباتك من حضرموت) .هذه النسبة التي تقدمها حضرموت في الواقع لم تكن إلا جزء مما فيها أما الجزء الآخر فيذهب إلى الفرقاء المتصارعين على السلطة بأشكال مختلفة وستستغرب أكثر عند ما تعلم أنه رغم مرارة هذا الصراع – طبعا على الشعب اليمني وليس على المتصارعين- إلا انه حتى يومنا هذا تصلهم حصصهم من هذه الموارد لتستقر في حساباتهم في الخارج بشكل منتظم. من يقوم بحماية وتوزيع هذه الحصص هي قيادة المنطقة الشرقية السابقة في محافظة حضرموت وما زالت ناقلات نفط اللواء علي محسن تسير إلى جانب ناقلات الأفندم أحمد علي دون أن يؤثر عليها ذلك الصراع الذي عصف بكل مقدرات الحياة في اليمن وعاصمته لأكثر من سنة .كما أن الجنرال الضراب الذي ضرب على أهل حضرموت سنينا عددا يعتبر الصندوق الأسود لكل الأسرار والتعاملات النفطية لهذه النخب الحاكمة من أسرة (آل الأحمر)..ليت الأمر ينتهي عند ذلك بل يتخطاه إلى ما هو أخطر منه ، فيتم تسهيل تهريب الممنوعات ويتم من هذه العائدات تمويل الكثير من الفتن الداخلية والكثير من الأعمال التي من شأنها إقلاق أمن المواطن وترويعه، وعلاوة على كل ذلك يتم تسلُم إتاوات من الشركات النفطية والغازية العاملة في حضرموت وشبوة باسم حماية الشركات وتصل هذه إلى ملايين الدولارات بشكل شهري . حضرموت يمنية لذلك فهي أولى من حفنة من النخب بالاستفادة من مواردها كما إن الشعب اليمني الذي يرزح تحت خط الفقر هو أولى أيضا من تلك النخب بكل ذلك . سيدي الكريم بعد انقضاء قرابة خمسين يوما على انتخاب فخامتكم رئيسا للجمهورية ما زالت هذه النخب تمثل عروضها المسرحية كسبيل وحيد للإيهام بجدية وواقعية ذلك الصراع الذي لم يتضرروا هم وأسرهم منه على الإطلاق ، ذلك الصراع الذي انقلبوا به على الثورة الشعبية التي كادت أن تطيح بهم جميعا ليُبنى على أنقاضهم يمنا جديدا. المدهش في الأمر أن هذه النخب المتصارعة في صنعاء قد أجمعت على إدارة مصالحها في حضرموت ، لذلك فقد اتفقت على قائد بعينه يضمن استمرار تلك المحاصصات. ما يؤكد ذلك الفساد أيضاً هو ما أدلى به محافظ بنك اليمن الدولي مؤخرا حين قال:( ما أودعته شركة طيران اليمنية في بنكنا خلال الشهرين الأولين من هذا العام يفوق ما حققته الشركة طوال العام الماضي) !! ذلك فقط في اليمنية فكيف يكون الأمر في النفط والمعادن .. لو لم يتولى إدارة اليمنية رجل من خارج هذه النخب لما انكشف الأمر ولما تحققت هذه الفروق الخيالية لصالح الدولة. ألم تكن بلدنا أولى بهذه المبالغ الطائلة لتفك بها رهنها وارتهانها.؟؟ ليت كارثية الأمر تنتهي عند ذلك الحد فالأمر أخطر من ذلك!! إنهم يصنعون من ذلك المال دولاً داخل الدولة الواحدة . خلاصة القول أكاد أجزم بأن منع اللواء أحمد سعيد بن بريك من عمله كقائد للمنطقة العسكرية والشرقية وفرض النخب الحاكمة قائدا بديلا عنه لم يكن إلا لتضمن هذه النخب المتصارعة استمرار تدفق مصالحها من هذه المنطقة. لتضل البلد مقسمة بين هذه الأطراف ولينهش هؤلاء في لحمها وليتداعوا عليها كما تداعى الأكلةُ على قصعتها. [email protected]