انهيار اسعار المواشي وتراجع في الشراء في اليمن عدا مأرب وحضرموت وصعدة وريف صنعاء    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    يأسر القلوب.. مشهد مهيب لحجاج بيت الله الحرام في جبل عرفة (فيديو)    سلطة تعز: طريق عصيفرة-الستين مفتوحة من جانبنا وندعو المليشيا لفتحها    دعوة خامنئي ل''حج البراءة".. قراءة في الدوافع والتوقيت والمآل    السعودية تستضيف ذوي الشهداء والمصابين من القوات المسلحة اليمنية لأداء فريضة الحج    بينها نسخة من القرآن الكريم من عهد عثمان بن عفان كانت في صنعاء.. بيع آثار يمنية في الخارج    ياسين نعمان وحزبه ينظرون للجنوبيين ك "قطيع من الحمير للركوب"    خوفا من تكرار فشل غزة... الحرب على حزب الله.. لماذا على إسرائيل «التفكير مرتين»؟    السعر الجديد للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بعد الوديعة السعودية للبنك المركزي    اشتباكات مسلحة في شبوة وإصابة مواطنين    مأساة ''أم معتز'' في نقطة الحوبان بتعز    انقطاع الكهرباء عن مخيمات الحجاج اليمنيين في المشاعر المقدسة.. وشكوى عاجلة للديوان الملكي السعودي    مظاهر الكساد تهيمن على أسواق صنعاء    وضع كارثي مع حلول العيد    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    "تعز في عين العاصفة : تحذيرات من انهيار وسيطرة حوثية وسط الاسترخاء العيدي"    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    لماذا فك الحوثي الحصار عن تعز جزئيا؟!    الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن: أي عملية سلام يجب أن تستند على المرجعيات الثلاث    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفا و266 منذ 7 أكتوبر    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    محافظ تعز يؤكد على ضرورة فتح طرقات مستدامة ومنظمة تشرف عليها الأمم المتحدة    السفير السعودي يعلن تحويل الدفعة الثالثة من منحة المملكة لدعم البنك المركزي    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم الأحمر لوكالة سبأ على صفحات بيضاء
نشر في براقش نت يوم 01 - 05 - 2012


مقدمة:
كلما مررت من أمام مبنى وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) تأسرني الذكريات يرافقها الشوق والحنين لمكتبي وحجرة عملي وإلى زملائي، فكل زاوية من زوايا وكالتنا يشغل حيزا كبيرا في ذاكرتي وقلبي .
لا استطيع حبس دموعي فأتركها مرغما لتروي قصة ذلك اليوم المشئوم، حيث تحولت فيه بيتي الثاني إلى سكنا للأشباح وجدرانا خالية سوداء اماتت الطلقات النارية والقذائف روح الحياة فيها.

بداية يوم مأساوي:
شاءت الأقدار في ذلك اليوم ان أكون ضمن كوكبة من الصحفيين ممن كانوا قاب قوسين أو أدنى من الموت ، أبوا إلا أن ينذروا أرواحهم فداء للكلمة الصادقة وخدمة للصحافة والإعلام.
فبحسب البرنامج المعد سلفا ، كنت صباحا في الميدان اقوم بتغطية فعالية خارج الوكالة، ما أن انتهيت منها عدت مباشرة إلى مقر الوكالة تسوقني الأقدار لأشهد مجريات يوم كان أشبه بسنة كبيسة مليئة بالرعب والخوف والجزع ، إذ لم نكن نرى فيه غير لون واحد هو لون الدم!!.

بعد دخولي مبنى الوكالة الساعة الثانية عشر ظهرا الموافق 23 مايو سمعنا طلقات الكلاشنكوف والرشاشات وقذائف الآر بي جي ، فتسائلنا ما الذي يحدث ؟
سرعان ما قيل لنا ان هناك اشتباكات بين قوات النجدة وأولاد الأحمر المتجمعين امام مدرسة الرماح الواقعة على بعد خطوات قليلة من مبنى الوكالة .

بدء بعض الموظفين في محاولات جاهدة لمغادرة المبنى ، رغم كثافة العمل عند البعض الآخر تجنبا لما يمكن حدوثه ، لكننا اعتقدنا حينها أن الاشتباكات محصورة امام مدرسة الرماح فقط ولا يمكنها أن تصل إلينا .
تابعت عملي وكل الزملاء المتواجدين معي في الادارة العامة للأخبار ، ومع مرور الوقت تطورت الاشتباكات حتى وصلت الى مبني الوكالة ، وسرعان ما أدركنا بأن الوضع أصبح خطرا جدا حيث لا نستطيع الخروج من البوابة عندها أصيب الجميع بالذهول!!.

تسائلنا عن الدافع التيي جعلتهم يستهدفون الوكالة على رغم من أنه انه لا يوجد فيها غير الحراس المعروفين منذ عقود ، وزاد من ذهولنا أن الحراس أنفسهم تقطعت بهم السبل فباتوا غير قادرين على حماية انفسهم حتى ،إذ لا يملكون سوى بنادقهم الكلاشنكوف التي لن تجد نفعا امام قذائف ومدافع اولاد الاحمر؟!.

بدأت علمية استهداف الوكالة فسقطت القذائف على الدور الثالث على مكتب رئيس مجلس الإدارة والذي شاء القدر أن يكون غائبا في تلك اللحظات ، لكن الزملاء والزميلات المتواجدون في الطابق الثالث اصيبوا برعب شديد وتملكهم الخوف فأسرع من أسرع منهم بالنزول إلى الطابق الأول قبل اشتداد القصف واستمرا القصف بشكل مكثف.

في تلك الأثناء جسدت الزميلات أروع معاني الشجاعة والصمود وضربن أروع معاني التماسك والتلاحم كاسرة واحدة وأحسسنا باجتماعهن كجسد وروح واحده ، فكن اشد منا حيث اصاب بعض الزملاءالانهيار العصبي وفقدان الامل بالخروج سالمين.!

ازدادت حدة القصف وبدأت الطلقات النارية تدخل إلى الإدارة العاملة للأخبار عندها قررنا مواجهة الموقف بفدائية حتى نعكس الصور الحقيقية من خلال القيام بالاتصالات والرد عليها لنجد من يخرجنا من هذا الموقف خاصة ان الوضع كان مفاجئا.

وعلى الرغم من أن وجودنا داخل الادارة يشكل خطر كبيرا على حياتنا ، إلا اننا قمنا بأداء واجبنا كالمعتاد من باب احساسنا بمن كانوا متواجدين وصعوبة الموقف عليهم وعلينا ، وقد تلقينا العديد الاتصالات من المسئولين في رئاسة الجمهورية والتوجيه المعنوي ، ووجدنا صعوبة في عمل الاخبار بسبب شدة القصف وانهيار النوافذ فوق رؤوسنا ، حينها اصيب زميلنا فارق الكمالي بعد تساهله في الاستجابة لتحذيراتنا بضرورة الابتعاد عن النافذة المطلة على الشارع ، ولحسن الحظ ان اصابته جاءت سطحية وقمنا بالاسعافات الاولية بمواد موجودة لدى الاخوات الزميلات.

تجمعنا وانحصرنا تحت درج المبنى والاخوات الزميلات في المكتب المجاور ولم نكن نستطيع في تلك اللحظات سوى قراءة القرءان الدعاء والابتهال إلى الله أن يخرجنا سالمين ويعيدنا الى اسرنا وأبنائنا ، فكان البعض منا يطمئن اهله بأننا في بدروم ولا يصلنا شيئ رغم ان الرصاص قريب.

مرت الساعات وأدينا صلاة المغرب بشكل جماعي قمنا بأداء صلاة الخوف ومرت ساعة يشيب فيها الراس لتبدأ بوادر الفرج بالوصول إلينا ممثلة بدخول سيارات الاسعاف .

ومع كثرة الموجودين ووجود سيارتين فقط لإخراجنا، قمنا أولا باخراج اخواتنا الزميلات وزميلنا المصاب فارق ، ولعدم استيعاب السيارتين لكامل العدد اضطر بعض المدراء والزملاء للجلوس حيث حاول البعض ان يخرج بواسطة سياراته لكنهم تفاجأوا بان القصف قد دمرها فقد كان القصف ياكل الاخضر واليابس داخل المبنى وخارجه.

استمرارا لخدمة الجانب الإنساني ومراعاة حق الزمالة والأخوة قمت بمرافقة زميلي العزيز فارق الكمالي الى المستشفى العسكري وفضلت عدم تركه منفردا ، وتواصلت مع أهلي وأخبرتهم بأنني في المستشفى ففزعوا جدا ظنا منهم أنني قد اصبت ، فحضروا مسرعين شدهم الهلع والخوف على صحتي ، لعب الوقت باعصابهم طيلة الطريق حتى رأوني بخير فتنفسوا الصعداء ، لنمكث جميعا في استكمال اسعاف ومجارحة زميلي فاروق .

في هذه اللحظات اصيبت أمي وزوجتي بحالة من الهستريا رغم اطمئنانهم على صحتي إلا أن الدموع كانت ترافقهم كلما رأوني وتذكروا بأني كنت في داخل معركة الحصبة ، في اصعب موقف .

وفي الاخير لا استطيع ان اصف لكم لحظة رجوعي للبيت ورؤيتي لأهلي وابني وقد عانوا مثلما عانينا داخل الوكالة ، ووصلت وأنا ملطخ بالدماء ومنهار ولم استطيع احبس دموعي فبكينا جميعنا وأدركنا ساعتها ان الحروب لا تأتي سوى بالهلاك ولا تسطع ان تحصر افرادها ولو كانوا جماعة الحق والباطل.

لقد قررنا في لحظة من تاريخنا ان نكون جنودا لهذا الوطن لا نحمل قذيفة او مدفعية ونبيح الارواح بل نكون جنودا تحملا اقلامها سلاحا لنحمي تراب اليمن الحبيب وبان اقلامنا ستخط بها على صفحات التاريخ رسائلنا بأننا واجهنا الموت بعد أن دمرت الايادي الاثمة مقر عملنا.

موت في نسيان الذاكرة
ورغم مرور سنة على الازمة نقول بأننا موظفي الوكالة نعيش ازمة ذلك اليوم فكنا نفضل ان نموت ونحن فيها بدلا من الموت الف مرة ونحن بعيدين عنها مثلما نحن عليه اليوم ، والسؤال : إلى متى ؟!!.

حتى اللحظة ما زالت العيون لا تنظر الينا والآذان لا تسمع لصرخات من ضاعت حقوقهم وأصبحوا عالة على المجتمع وثقلا على اسرهم فقد اصبحنا نجد موظفيه ما بين بائعين للقات أوسائقي باصات والبعض منهم انخرط مع عمال النظافة، فيما الكثير منهم وجدوا انفسهم على بوابات الوزارات لمحاولة ادنى فرصة عمل ان وجدت لمواجة ضروفهم وتحمل مسئولية الحياة.

رسالة حبرها الدم
ختاما لا يسعني إلا أن أتوجه برسالتي هذه الى كل من تصلهم كلمتنا ويبحثون عنها ويدركون بقيمة وأهمية دور الوكالة استيعاب اكثرمن 1200 موظف وإصلاح الوكالة وترميمها وإعادة ما نهب منها وتعويض جميع الموظفين التعويض النفسي أولا والمادي قبل ان تضيق صدورهم مثل ما ضاقت بهم ملفات المسئولين ، فالى متى ، وأين هي طريق المسئولين من الحصبة ام انها ملكا خاص للمشائخ والاحزاب؟؟.

ولي أن أتسائل ايضا : عن دور الاعلام والنقابات فيما حصل ويحصل مع زملاء لهم كانوا غذا لوسائلهم الاعلامية؟

إن عدم وجود أي مساندة أو تجاهل لوضع الوكالة كمادة إعلامية يعكسون من خلالها الازمة لم تنته الى اليوم لموظفي الوكالة في الامس وبطالة الوزارة الإعلامية اليوم ، رغم ان ما كانت تقوم به الوكالة من موقعها يقوم به المخلصون لها على مكاتب التوجية المعنوي، فهل لا يتم استيعاب كل هذا إلا بوقفه احتجاجية يدرك الجميع فيها اهمية ودور الوكالة؟
والله من وراء القصد ....

- صحفي بوكالة الأنباء اليمنية سبأ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.