الحوثيون سيذهبون الى جنيف للتفاوض (أو الحوار) مع الرئيس هادي والحكومة. هل سيصطحبون المعتقلين والمختطفين والمختفين قسريا كدروع بشرية؟ هناك 3 شهداء (صحفيان وقيادي اصلاحي) سقطوا في ذمار جراء وضعهم في مناطق عسكرية وأمنية يحتمل ان تكون عرضة لقصف الطيران السعودي.
المحتربون في اليمن ذاهبون حتما إلى جنيف للتفاوض. وما تفعله جماعة الحوثيين هو سابقة خطيرة في اليمن إذ تضع محتجزين لديها في معتقلات سرية لا في المقرات المخصصة للحبس الاحتياطي أو حتى في السجون المركزية كما كان يفعل معهم نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي بات، راهنا، حليفهم الأوحد!
الحوثيون قد يخسرون الحرب وفي أحسن الأحوال قد يستثمرون ما حققوه بالسلاح ليدر عليهم مكاسب سياسية. هذا جائز ومرجح على ضوء مسار الحرب وموازين القوة وتوجهات مجلس الأمن الدولي. لكن الحوثيين خسروا مبكرا الحرب الاخلاقية. خسروا التفوق الاخلاقي الذي كان يمنحهم أفضلية في السنوات الماضية باعتبارهم "الضحية". يعتقلون الصحفيين، وآخرهم الزميل العزيز جلال الشرعبي، ويخفونهم، ويحتجزونهم في أماكن سرية يتضح، لاحقا، أنها مواقع عسكرية هي اهداف متوقعة للغارات الجوية. هذا سلوك فاشي غير مسبوق في اليمن. وهو سلوك يدحض ادعاءات الجماعة عن احترامها لحقوق الانسان وانتصارها للكرامة الانسانية. الحوثيون سيذهبون إلى جنيف. والأرجح انهم سيعانقون من يخونوهم ويتهمونهم بالعمالة الآن. وربما يبادلونهم أنخاب النجاح بالتوصل إلى اتفاق. وقد يعودون رفقتهم على متن طائرة واحدة! لكن ماذا عن هؤلاء المعنقلين (الرهائن) الذين يحتفظون بهم في معتقلات سرية؟ هل سيواصلون اعتقالهم واخفاءهم صونا للسيادة والامن والسلم الأهلي؟ حتى في ذروة حروب صعدة لم يتعامل نظام صالح وعلي محسن بهذه الوحشية مع الصحفيين واصحاب الرأي بل واعضاء الجماعة. *** هناك حدود للقوة. هناك سقوف لغرورها. لكن الحوثيين يؤكدون، كل يوم، انهم لم يتعظوا من جلاديهم بل استعاروا اساليبهم وارتدوا جلودهم وتجاوزوهم في قمع اليمنيين، خصوما وغير خصوم، محاربين وغير محاربين، سياسيين وصحفيين. *** يقارب الحوثيون السياسة ب"خيرية" و"طهرانية" تدفعهم إلى اعتماد أساليب وحشية ضد خصومهم وضد الصحفيين والناشطين والناقدين. لكن مستجدات العام الأخير (عام المقامرة الحوثية والكارثة اليمنية) ستجعلهم، كآثمين واصحاب سوابق في جرائم ضد حقوق الانسان (وأصحاب براءات اختراع أيضا)، يجلسون بأدب جم إلى جوار جلاديهم وخصومهم الايديولوجيين، في جنيف وما بعد جنيف! *** اليمنيين الأبرياء الذين لم تصدر بحقهم أية احكام قضائية ولا حتى قرارات من النيابة العامة (هل يتذكر قانونيو الحوثي ورئيس واعضاء اللجنة الثورة العليا الشهيد هاشم حجر؟) هم مختفون قسريا، راهنا. وفي أحسن الأحوال رهائن تتوهم الجماعة انها تستطيع ابتزاز خصومها والمجتمع الدولي بالإبقاء عليهم في قبضتها. الحق أن الجماعة ترتكب جريمة نكراء في حق اليمنيين جميعا. إنها لا تتنازل فحسب عن ما يمكن اعتباره "التفوق الاخلاقي" للضحية الذي كانته قبل سنوات. بل تجعل من جلاديها، جميعهم، مجرد خملان في الغابة.
بوسع الحوثيين الاستمرار في ارتداء جلود جلاديهم. بوسعهم ارتداء جلود الظباع! لكنهم ذاهبون حتما إلى طاولة المفاوضات (او الحوار). وهناك سيدركون ان "الرهائن" من أبناء جلدتهم، ليسوا كرتا يقوي موقفهم بل مثلبة كبرى ووصمة عار في جباه ممثليهم "الخيريين" و"الطهرانيين"!