[email protected] " كلما صفت غيمت " هكذا بدأ الفنان الكبير أبوبكر سالم بالفقيه – شفاه الله وعافاه - إحدى أغنياته , وحالنا نحن اليمنيين هكذا فعلاً , فكلما قلنا أن الامور بدأت تصفو وتتغير خرج لنا الزنداني من الماضي البعيد ليعكر أجواء المستقبل , كلما بدأنا نحلم بيمن جديد صاح بأعلى صوته - الإسلام – الشريعة – الكفار – النار – الملحدين – الروافض – الصحابة – الخلافة - ليجرنا قروناً الى الوراء ويخرجنا من سكرة الحلم بالمستقبل . تخيلوا معي شاباً أو شابة فناناً أو كاتباً أو مبدعاً بدأ يعد نفسه لإطلاق طاقاته المكبوتة مستغلاً مناخ الحرية النسبي الذي بدأنا ننعم به , وفجأة وبدون مقدمات يسمع ( نفخة الصور ) كلمة من كلمات الزنداني السابقة ليوقظه من حلمه ويقول له ( اجمع دومان نحن ما زلنا هنا ) . الزنداني ماضي , تاريخ مؤلم للكثيرين , فمجرد ظهوره يصيبنا بالكآبة ويذكرنا بكل مآسي صالح ونظامه . اقنعنا الإصلاح أخيراً وبعد عناء بالدولة المدنية , فحورها الزنداني الى ( دولة مدنية بمرجعية دينية ) , نقول ديمقراطية فيقول أهل الحل والعقد ودولة الخلافة , نقول حرية فيقول بما لا يتعارض مع الشريعة . ضللت تردد يا شيخنا ل 33 عاماً وتقول لا يجوز الخروج على السلطان ولو جار ثم افتيت بالخروج عليه مبرراً ذلك بجواز ( الخروج السلمي ) لأن المحرم هو ( الخروج بالسلاح ) فهل خروج الفرقة الأولى بسلاحها والحصبة وأرحب بميليشياتهما المدعومة من علي محسن هل كل ذلك خروج سلمي ؟ إذا قلتَ دافَعُوا عن أنفسهم , سنقول لك ما هي حدود الدفاع الشرعي المسلح عن النفس في مواجهة ولي الأمر المحرم الخروج عليه عندكم ولو جلد الظهر وأخذ المال ؟ ثم لماذا حرمت على الجنوبيين والحوثيين الدفاع عن أنفسهم . الشريعة الاسلامية تستخدم دائماً للمزايدة وجمع الأتباع ومحاربة الخصوم , فكل يوم فتوى تناقض سابقتها , ولو قلنا للزنداني ما هي الطريقة التي نطبق بها الشريعة ؟ الطريقة الزيدية أم الشافعية أم الوهابية أم الصوفية أم الكوكتيل الذي أنت عليه , فبماذا سيجيب ؟ وهل علماء المذاهب مجمعون على شيء ؟ حتى كتاب الله اختلفوا في رسمه وتفسيره وتأويله , وما الحروب الدائرة في دماج وكتاف وعاهم وابين وغيرها من المحافظات الا نتاج لفتاوى واختلافات العلماء في تفسيرهم للشريعة . عندما يجمع علماء اليمن بمختلف مذاهبهم - وليس هيئة علماء الزنداني وشركاه - على منهج اسلامي تفصيلي عملي واحد واضح سنقوم نحن دعاة المدنية بتطبيقه , وإلى ان يحين ذلك فليس أمامنا الا تطبيق المبادئ العامة للشريعة الاسلامية والتي لا خلاف عليها من أحد حتى منا نحن دعاة المدنية . لن نقبل بدولة زيدية ولا شافعية ولا ولاية الفقيه في اليمن , كذلك لن نقبل بدولة زندانية وهابية , نريد دولة لا مذهبية , نريد أحزاباً لا تخلط الدين بالسياسية , أحزاباً لا توجد فيها دائرة للإفتاء , أحزاباً نتحاور معها على المائدة المستديرة لا على المنابر وبعدها الى المقابر , أحزاباً نختلف معها فيناقشونا بلغة أهل الأرض لا بوصفهم وكلاء السماء . أسقطت الثورة صالح , لكن الزنداني لا يشغل منصب رسمي لنطالب بإسقاطه , أو نقول وصل سن التقاعد لينتهي دوامه , ومع ذلك نجده أمامنا كظلنا , فأينما وليت وجهك فثمة وجه للزنداني , ففي السياسة وصل الى عضوية مجلس الرئاسة , ولازال يشغل منصب رئيس شورى الإصلاح , وفي الطب الحديث درس الصيدلة في مصر لكنه والحمد لله فشل , وفي طب الأعشاب لا يبارى فقد اخترع دواء لكل داء حتى للإيدز , مع أنه لم يثبت علمياً الى الآن انه عالج ولو حالة واحده , وفي الطب النفسي عالج بالقرآن وبالرقية , وفي الإعلام نافس الإعلاميين وقدم أكثر من برنامج في القنوات الخليجية , وفي الأحوال الشخصية اخترع لنا نوع جديد من الزواج , وفي الإفتاء حدث ولا حرج , وفي التعليم فتح جامعة خاصة , وفي البحث العلمي له أبحاث حول الإعجاز العلمي في القرآن , وفي التوحيد ألف أكثر من كتاب , وفي علم الغيب تنبأ بإعلان دولة الخلافة في 2025 م مستنداً على أبحاث أمريكية وروسية – في تطور نوعي – لأنه لم يستند على الكتاب والسنة هذه المرة , وآخر إبداعاته في الاقتصاد حيث قال أنه سيعلن مفاجئة – أخاف أن تتحول الى مفاجعة - تحل مشاكل اليمن الاقتصادية وتنهي مشكلة الفقر التي لم تنتهي في عهد رسول الله . هداك الله يا شيخنا , للدين رجاله وللسياسة رجالها وللطب والاقتصاد والبحث العلمي والإعلام رجاله , لا تدعي العلم في كل شيء , فالله وحده بكل شيء عليم . لقد صبرنا على تقمصك لكل تلك الأدوار كجزء من صبرنا على نظام صالح لسنوات , لكننا نقولها وبأعلى صوت ( إلا الحوار يازنداني ) بحجر الله دعنا وشأننا , فهو أملنا الوحيد لبناء اليمن وإعادة اللحمة الوطنية عبر معالجة القضايا الرئيسية والمظالم التي كنت وصالح شريكين فيها , يكفيك المناصب والأعمال التي تشغلها وهي بالعشرات فلا تطمع بعضوية لجنة الحوار , عضويتك ستفسدها وتدفع بالكثير الى عدم المشاركة . تخيل معي يا شيخ عبدالمجيد مشهد جلوسك أنت وعبدالوهاب الديلمي على طاولة الحوار وبجانبكم الرئيس / علي سالم البيض وحيدر العطاس وياسين سعيد نعمان ومحمد عبدالسلام وصالح هبره , كيف سيكون موقفهم وموقفك , هل ستتراجع ومعك الديلمي وتعتذروا عن فتاويكم ضد الحزب الاشتراكي وفتوى الديلمي الضمنية بقتل حتى النساء والأطفال والمستضعفين في الجنوب في غزوة 94 م ( فتوى التمترس الشهيرة ) , هل ستتراجع عن فتواك ( بالإبادة الجماعية ) ضد الحوثيين عبر مطالبة الدولة بالحسم العسكري – وليس بالحوار معهم - في اجتماع لجنة الفضيلة بتاريخ 15 / 7 / 2008 م , واذا لم تتراجعوا عن فتاويكم فعلى ماذا ستحاورونهم ؟ وهل ستطالبونهم باعتناق الإسلام أم بإعطاء الجزية أم بالتوبة ؟ إذا كان علي سالم يختلف كثيراً مع الدكتور / ياسين سعيد ذلك المفكر العظيم , فعلى ماذا سيتفق معك ؟ اذا كان لا يطيق بعض الجنوبيين بسبب ماضيهم مع صالح فكيف بك وبالديلمي , اذا كان حسن باعوم لا يتجرع لفض شمالي فكيف بالزنداني . اليس من حقنا أن نحلم بحوارِ خالِ من الزنداني والديلمي , بأحزاب مدنية لا دينية , بخلاف سياسي لا ينتهي بفتاوى تكفير وإباحة دماء . أليس من حق الجنوبيين وأبناء صعده أن يشاهدوا من أجرم في حقهم خارج المشهد السياسي وخارج الحوار على الأقل , الا تمثل تلك المطالب الحد الأدنى من حقوقهم . لا نطلب اعدامهم أو ادخالهم السجن بسبب حروبهم وفتاواهم , بل سندعو لهم بالهداية والتوبة وبعدها بالرحمة والمغفرة , بشرط أن يتركونا وشأننا , يكفينا ما حصل منكم في عهد صالح فلا ترجعونا الى عهد ناقة صالح .