بعد 20 عاما من الاحتجاجات الحادة وشبه المتواصلة على الوجود الهندي في إقليم كشمير، أعلنت وزارة الداخلية الهندية الجمعة انسحابا تدريجيا لمعظم قوات الأمن من داخل مدن الجزء الذي تسيطر عليه من الإقليم. وجاء هذا الإعلان، الذي يعد الأول من نوعه منذ بدء مسلمي الإقليم حركتهم الاحتجاجية ضد ما يصفونه بالاحتلال الهندي لشطر من الإقليم عام 1989، كأحد تداعيات الاضطراب الشديد الذي عمَّ الإقليم منذ بداية الشهر الجاري بين السكان المسلمين والقوات الهندية التي يتهمونها بقتل فتاتين مسلمتين بعد اغتصابهما في نهاية مايو. وأعلن وزير الداخلية، ب. تشيدامبران، في مؤتمر صحفي في ختام جولة تفقدية للوضع الأمني في المنطقة اليوم، أن قوات الأمن ستواصل عملياتها ضد "المتمردين"، ولكن بعيدا عن المدن، وبرر ذلك بقوله: "أعتقد أن الأولوية في المناطق السكنية يجب أن تكون لحفظ القانون والنظام"، ولم يوضح الوزير أين ستتمركز قواته خارج المدن. ولكن الوزير لم يعطِ جدولا زمنيا لانسحاب قواته من داخل المدن، غير أنه قال: "سيأخذ الأمر بعض الوقت، هذا هو خيارنا الذي قررنا أن نسير باتجاهه في المرحلة القادمة، ولن نحيد عنه". وقد عثر على جثتي الفتاتين (17 و22 سنة) في قناة مياه بمنطقة شوبيان في 30 من الشهر الماضي، بعد أن فقدتا قبل ذلك بيوم، وقالت عائلتاهما إنهما قتلتا على يد عناصر من الكوماندز الهندية بعد اغتصابهما، وردت الشرطة بأنهما غرقتا، لكنها أقرت الأحد الماضي بعد تشريح الجثتين بأنهما تعرضتا فعلا للاغتصاب. ونظمت حركات إسلامية تطالب بخروج القوات الهندية من الإقليم ذي الغالبية المسلمة معظم التظاهرات التي جرت خلال الأيام الأخيرة، وأغلقت أبواب المدارس والكليات والمتاجر لمدة 8 أيام استجابة لدعوة الزعيم الكشميري، سيد علي شاه جيلاني، للقيام بإضراب يطالب بمعاقبة مرتكبي جريمتي القتل والاغتصاب. وردت السلطات الهندية على ذلك باعتقال جيلاني للحد من تأثيره في السكان، وفرضت حظر تجول، ودخلت في اشتباكات مع المتظاهرين أسفرت عن مقتل وجرح المئات. ويعتبر مسلمو الإقليم القوات الهندية قوات احتلال؛ حيث سيطرت على جزء من الإقليم رغم رفض سكانه الانضمام إلى الهند في عام 1947، في حين خيَّرت كل الولايات الأخرى بين البقاء تابعة للهند أو الانضمام إلى دولة باكستان الجديدة في ذلك الوقت بناء على كون الأغلبية من المسلمين أم من الهندوس. وخاضت كل من الهند وباكستان حربين كبيرتين في القرن الماضي للسيطرة على الإقليم، وانتهى الأمر بسيطرة كل بلد على جزء منه عسكريا وسياسيا. ولإنهاء الصراع اقترحت كل من باكستان والأمم المتحدة تفويض الأمر إلى أهالي كشمير أنفسهم بإعطائهم حق تقرير مصير الإقليم بأنفسهم عبر استفتاء، وهو ما ترفضه الهند. ومنذ عام 1989 يشهد القسم الذي تسيطر عليه الهند من كشمير حركة مناهضة للوجود الهندي تقودها جماعات إسلامية، وتواجهها القوات الهندية بعمليات عسكرية؛ ما أدى لمقتل ما بين 43 و 60 ألف شخص، واختفى خلالها ما يزيد عن 10 آلاف كشميري لا يُعرف مصيرهم حتى الآن، بحسب منظمات حقوقية. ولا يكاد يمر شهر منذ ذلك التاريخ دون حدوث مواجهات واشتباكات بين الجانبين، وسط اتهامات من جانب القوات الهندية لبعض السكان المسلمين بالتمرد، واتهامات من جانب السكان للقوات الهندية بارتكاب جرائم قتل واغتصاب واعتقال وسطو على أراض تعود ملكيتها لمسلمين لصالح الأقلية الهندوسية من السكان.