اعتقال خمسة أمريكيين من ولاية فيرجينيا الأمريكية في باكستان يخططون لشن هجمات إرهابية. نضال حسن رائد في الجيش الأمريكي وطبيب نفسي يقتل ثلاثة عشر جنديا أمريكيا عقب إطلاق النار عليهم ويجرح سبعة وعشرين آخرين. عمر فاروق عبدالمطلب درس الهندسة في لندن وينحدر من أسرة ثرية يحاول تفجير طائرة شركة نورث ويست الأمريكية على الرحلة 253 المتجهة إلى ديترويت في صباح الخامس والعشرين من ديسمبر, يوم يحتفل العالم المسيحي بأعياد الميلاد, الكريسماس. همام البلوي طبيب أردني ربما يكون أشهر عميل مزدوج في القرن الحالي جندته CIA الأمريكية ففجر في مقرها؟! هذه الأحداث المتنوعة يربطها أكثر من رابط. الأول: أن كل من ذكر يمكن أن يندرج تحت الجالية الإسلامية في الغرب أو على علاقة وطيدة بالاستخبارات الأمريكية كما في حال همام البلوي ومع ذلك استطاعوا أن يشكلوا الذراع القوية لتنظيم القاعدة خلال الفترة الماضية وهذا يدل على أن القاعدة اليوم ليست عبارة عن تنظيم هرمي أو حزبي كما ذكرت ذلك في مقالات سابقة بل القاعدة فكر واعتقاد لا يلزم منه الانصياع المباشر لشخصية محددة بل هناك عدة قيادات متنوعة في العالم أجمع تتبنى نفس الأفكار بنكهات متعددة سواء كانت سعودية أو أمريكية أو صومالية أو يمنية أو نيجيرية أو بريطانية كما في حالة نضال حسن! وهذا يعني أن العدو الحقيقي الذي يواجهه العالم اليوم ليس تنظيما عسكريا يدمر بقوات الكوماندوز أو عمليات التمشيط، بل هو نشاط فكري يرتكز على مقومات عقدية محددة هذه المقومات ذات كاريزما عالية وأفكار خلاصية مريحة، تحتاج إلى عمل طويل ومضن للقضاء عليها. المملكة العربية السعودية كانت أحد أبرز الأماكن لتجنيد العناصر وخلال الخمس سنوات الماضية كانت البرامج الفكرية والدينية تعمل على خلخلة هذه المفاهيم والأفكار التي تستطيع جذب مئات الشباب وبرغم حساسية المجتمع السعودي وحداثة التجربة إلا أن النتائج كانت مذهلة وكبيرة، برغم وجود أخطاء. الأفكار التي تعتمد عليها الجماعات المتطرفة ليست كبيرة ولا متشعبة بل يمكن الجزم بأنها تدور حول قضايا محددة ومن خلال تجربة في هذا المجال فقد رصدت أبرز الأفكار التي تعتمد عليها هذه الجماعات فوجدتها تقارب الأربعين فكرة ما بين أفكار دينية خالصة وأخرى سياسية، هذه الأفكار بحاجة إلى بذل جهد كبير ومضن من خلال برامج تدريبية للجالية المسلمة في تلك الدول في التعامل مع هذه الأفكار وكيفية تفكيكها، لأن عملا فكريا بهذا الشكل يمكن أن يؤتي ثماره خلال خمس إلى عشر سنوات إذا ما توفرت له الإمكانات اللازمة وهو ما تستطيعه الدول الغربية. إن عداء البعض للتيارات الدينية يجب ألا يعميهم عن أنها يمكن أن تكون هي اللاعب الأكبر في حل هذه الإشكالية فكما كانت سببا فيها يمكن أن تكون الحل في آن واحد! الثاني: أن جميع الأسماء السابقة ليست تحت استبداد سياسي ولا في مناخ ديكتاتوري ولا تعيش تحت مستوى الفقر بل هي من مجتمعات منفتحة سياسيا واجتماعيا ومن عائلات ثرية وهو ما يجعلنا نجزم بأن الأفكار تحتاج إلى عقول تشربها وليس إلى بيئة تقلبها، لقد ظل العالم الغربي منذ الحادي عشر من سبتمبر يبحث عن المشكلة بالسلاح والقوة والديموقراطية لكن ظلت القاعدة وأفكارها تتقلب وفق المناخ الذي تعيش فيه من خلال أفكارها الغالية والمتطرفة. قصة همام البلوي إن صح تجنيده من قبل المخابرات الأمريكية تؤكد لنا أن الأفكار العقائدية أقوى بكثير من الإغراءات المادية حتى لو جاءت من أقوى قوة في العالم ولا أدل على ذلك من المكافآت الهائلة والمجزية التي رصدتها الحكومة الأمريكية منذ عام 2001 لمن يدلي بمعلومات صحيحة عن زعيمي تنظيم القاعدة، وهو فشل متوقع ،لأن العقائد لا تشترى بالمال وإنما بالحجة، وكذا الولاء لها. لذا، فإن الطريق إلى اختراق التنظيم لا يمكن أن يكون بغير القناعة الدينية بسوء هذا الفكر وخطره على الإسلام والمسلمين قبل أي شيء آخر .