، لا يمكن أن أنساهما أبداً. الأولى: صورة الطفلتين "آية ورغد" الحداد وقد تمزقتا في منزلهما الغافل عن الحرب في أحد احياء تعز، بقذيفة حوثية باغية.! الفاجعة حفرتهما عميقا في الذهن، أيقونة دامية لكل الاطفال الأبرياء، ضحايا كل الحروب في العالم، وبالذات هذا الحرب التي دفع الأطفال ضريبتها الباهظة لكل الأطراف. الثانية: لا تقل بشاعة، مجموعة من الأطفال، تتحلق حول شخصٍ مصلوب يتم التمثيل به من قبل بعض عناصر المقاومة في أحد أحياء تعز، باستثناء الرعب النافر، والطفولة البريئة التي يتم تصفيتها بهمجية داخل الأطفال أو معهم في اللعبة الخطرة للكبار.. لا علاقة مباشرة بين الصورتين، وإن كان يمكن للكثير من العلاقات المضللة–عن الثأر والانتقام والعدالة-أن تجد لها ممراً. لكن، حتى لو اتفق -في مصادفة بعيدة - أن ذلك الإرهابي النزق الذي أطلق قذيفة باغية على الطفلتين آية ورغد، هو ذلك الشخص الذي تم سحله أمام الأطفال.. فإن تصفيته بتلك الطريقة الوحشية، ليس هو القصاص العادل. القصاص العادل عمل مؤسسي يهدف إلى تخليص المجتمع الإنساني من الوحوش البشرية، فيما الثأر ظاهرة إجرامية تتخلص بها الوحوش من بعضها، على حساب العدالة والمؤسسات المجتمعية.! ثم إن القصاص يهدف إلى وضع حد نهائي للجريمة، فيما مواجهة الثأر والانتقام يغذيان الجريمة ويعملان على تأبيدها عبر أنساق لا حدود لها من الفعل ورد الفعل. لا يمكن تبرير الجريمة بالجريمة، والإرهاب بالإرهاب والثأر بالعدوان.. الحقيقة هي أن العنف يغذي العنف لكنه لا يبرر له، تبرير الأخطاء بالأخطاء طريقة همجية في التفكير تتحدر من ثقافة بدائية سابقة للدين والدولة والمدنية. لا توجد الآن دولة في اليمن، لكن هذا لا يبرر للجماعات المسلحة، الجماعات المسلحة على اختلافها لا تدافع عنا، ولا تتقاتل من أجلنا، بل تتقاتل على حسابنا من أجل مصالحها الانتهازية الضيقة. ... لأساتذتي وأصدقائي الحميمين، عبد الكريم الحداد، وعبدالله الحداد، وعبد الرحمن الحداد، والد الطفلتين وجدهما وعمهما، العزاء الخالص، وثواب الصبر، ولا عزاء لحملة السلاح ودعاة العنف والإرهاب.