عبير مشخص : تنطلق اليوم، في جميع المناطق السعودية، أولى مراحل الدورة الثالثة منانتخابات أعضاء المجالس البلدية بمرحلة قيد الناخبين، والتي تستمر 21 يومًا،حيث أكملت اللجان المحلية للانتخابات في جميع المناطق الاستعدادات اللازمةلتنفيذ الانتخابات وفق المعايير المطلوبة، وبلغ إجمالي عدد المراكزالانتخابية في المملكة 1263 مركزًا انتخابيًا منها 839 مركزًا لقيد الناخبينللرجال، و424 مركزًا للنساء، إضافة إلى 250 مركزًا احتياطيًا. ومنذ أعلنت إقامة الانتخابات البلدية في عام 2005 بدأت شخصيات نسائية بارزةفي المطالبة بإدراج المرأة كمرشحة وناخبة، بل قامت بعض السيدات بتقديمبرنامج انتخابي في حال سمح للنساء وقتها. ولكن قانون الانتخابات البلديةاقتصر على الرجال حتى فتح الباب للنساء للمشاركة لأول مرة في الدورةالثالثة. وبادرت جمعيات أهلية وشخصيات نسائية بالقيام بمجهودات فرديةلتوعية النساء بأهمية الخطوة القادمة، ومن بين الحملات قامت جمعية «بلدي»الأهلية بإعداد عدد من الدورات في عدد من المدن في السعودية، وشملت الدوراتالناخبات والمرشحات وأيضا من يرغبن في التقدم لإدارة المراكز الانتخابيةوبالفعل قامت الجمعية بتدريب 350 سيدة في عشر محافظات. ولكن الجمعية توقفتعن العمل بسبب عدم الحصول على تصريح من الوزارة بالقيام بدورات تدريبية. الدكتورة هاتون فاسي أستاذة التاريخ بجامعة الملك سعود والمنسقة العامةلحملة «بلدي» رأت في الإيقاف أمرا غير منطقي، خاصة أن شرط الحصول على تصريحلم يكن معمولا به في الدورات السابقة. ولكن بوصفها من الناشطات السعودياتتشير إلى أن حملات التوعية التي تقام للجمهور حاليا غير كافية، وتضيف أنالوزارة تدرب موظفيها على المسائل الإجرائية «أما الجمهور فمتروك للوحاتتوعية في الأماكن العامة». وتشير إلى أن الدورات التي تقدم حاليا غير كافية: «الحاجة أكبر بكثير من الجهد المبذول. فنحن نتحدث هنا عن 10 ملايينامرأة سعودية من سن 18 وأكثر، فكيف ستصلهم المعلومة في الأماكن النائية؟». حول انطباعاتها حول جاهزية المجتمع لخطوة الانتخابات تقول الفاسي إن«المجتمع ليس جاهزا، هناك تعطش كبير من السيدات للعمل والمشاركة مرشحاتوناخبات، لكنهن يحتجن للمعرفة والمعلومة والوسيلة، فالأمر يحتاج لحملة طويلة المدى للتوعية». وتشير إلى أن حملات التوعية التي تقدمها وسائلالإعلام حاليا «متأخرة». من جانبها تقول سميرة الغامدي رئيسة وحدة الإعلام والتوعية في إدارة الصحةالنفسية بوزارة الصحة بجدة إن دخول المرأة مجال الانتخابات البلدية يعتبر«خطوة بمثابة مائة خطوة»، معترضة على من يقلل من أهمية المشاركة وترى أنالمرأة ستكون عنصرا فعالا في المجالس البلدية: «المرأة السعودية نشيطة وهيملمة بهموم حيها وبيتها واحتياجاتها. مشكلات الكهرباء والماء والبلدية منشواغل المرأة أكثر من الرجل». غير أن الغامدي تحذر من أن الحملات التوعوية يجب أن تخاطب كل الفئات والشرائح العمرية: «مشكلتنا الوحيدة أن النساء وأيضا الرجال لا يعرفون معنى كلمة ناخب أو مرشح، فنحن نحتاج لدعاية مكثفة، نحتاج إلى رسائل بسيطة يفهمها الرجل السبعيني ويفهمها الشاب ذو ال18 عاما. أتابع دعايات الانتخابات، ولكن انتقادي هو أننا نحتاج رسائل تشبهنا». لا ترى الغامدي أن الناخبات يجب أن ينتخبن النساء المرشحات، فبالنسبة لها ممارسة لحق الاختيار: «ليس بالضروري أن تنتخب النساء النساء، أنا أتمنى أن تمارس الناخبة الاختيار، فهذا هو الفكر الديمقراطي». مها مصطفى عقيل مديرة الإعلام في منظمة التعاون الإسلامي تتفق مع الغامدي في أهمية زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الانتخابات وتقول: «لا أعتقد أن هناك وعيا كافيا في المجتمع بأهمية الانتخابات والمشاركة الفعالة في القضايا العامة؛ لأن هناك نقصا عاما في ثقافة ممارسة الانتخاب والترشح والتصويت للشخص المناسب حسب مؤهله وبرنامجه وأهدافه». وتشير عقيل في حديثها إلى أن الحملات الإعلانية القائمة لا تتوجه لكل الشرائح، وخصوصا بالنسبة للنساء، قائلة: «لم ألاحظ الاهتمام بالانتخابات إلا من فئة ومجموعة من النساء المثقفات والمنخرطات في العمل الاجتماعي ومبادرات المجتمع المدني»، مؤكدة على أهمية حملات التوعية التي أطلقتها جهات مدنية مثل جمعية «بلدي». ترصد عقيل زيادة في الاهتمام من قبل الإعلام المحلي والدولي، خاصة بسبب مشاركة المرأة ناخبة ومرشحة لأول مرة في المجالس البلدية وتضيف: «قد يتمكن الإعلام من تغطية النقص في تحديد دور المجتمع المدني في عملية التدريب والتثقيف وزيادة الوعي بدور المجلس البلدي». فضيلة الجفال، كاتبة وإعلامية ورئيس مركز ميديا هاوس للاستشارات، تقول إن «حداثة التجربة» تؤكد على أهمية التدريب للناخبة وللمرشحة، وتضيف: «مشاركة المرأة في انتخابات المجالس البلدية ترشحا وانتخابا للمرة الأولى هي فرصة تاريخية لمشاركة المرأة السعودية في عملية التنمية، فالعملية الانتخابية هذا العام هي الأضخم بلا شك. ولهذا كان من المهم الاستعداد له بالصورة التي تضمن الارتقاء بالمستوى النوعي ورفع مستوى الوعي وتحفيز أكبر قدر من المشاركة». وتضيف أن «هناك حاجة لجهود إضافية بطبيعة الحال لإقناع السيدات بالمشاركة والذهاب إلى مراكز الاقتراع، ويعتمد ذلك على المنطقة وديموغرافيتها وإحصائياتها، فلا بد أن هناك اختلافا نسبيا بحسب كل منطقة ومدينة، وذلك يتطلب وجود جهات استشارية رسمية أو غير رسمية، لا سيما أن ضعف الثقافة الانتخابية وغياب معرفة المرأة باللائحة التنظيمية للمجالس البلدية ستكون عائقا بلا شك». ترى الجفال أن المرأة أكثر متابعة بطبيعة الحال لكثير من الأمور المتعلقة بالشؤون البلدية، كونها «متعودة على المسؤولية الأسرية وتفاصيلها ومسؤولة عن أغلب المجتمع؛ لذا فمن الطبيعي أن يكون نجاحها واهتمامها بهذا النجاح عاليا كتجربة جديدة ترغب في إنجاحها وستفعل، لا سيما في ما يتعلق بشؤون الصحة البيئية والبلدية والعمارة وتنسيق المدن أو حتى العمل على دفع المجتمع للانخراط في قضايا تنموية وتطوعية أيضا، كما في الدول الغربية كأميركا مثلا، هي التي تهتم مراكز الأحياء فيها بتفاصيل عدة، منها تطوعية كالتي تتعلق بمساعدة الأطفال والشباب، أو ما يتعلق بالأسرة والجيران وأمن الحي، وغيرها من الخدمات المختلفة كالترفيهية والرياضية والثقافية أيضا، وما يرعى الفئات المحتاجة من المجتمع المحلي».