لم يقنع قرار لجنة الانتخابات البلدية في السعودية بعدم السماح للمرأة بالمشاركة في العملية الانتخابية، التي ستنطلق في الرابع والعشرين من شهر شوال المقبل، الكثير من الناشطات الحقوقيات السعوديات اللاتي وصفن تبرير اللجنة حرمان المرأة من المشاركة في الدورة المقبلة ب"نواقص" في مراكز الاقتراع والعملية الانتخابية.. بغير المنطقي وهو ما دفعهن للتفكير بإنشاء مجلس بلدي في الظل تشارك فيه المرأة بكل حريتها. وأكدت الناشطة الحقوقية السعودية الدكتورة هتون أجواد الفاسي أنها وناشطات أخريات يعتزمن مواصلة حملتهن التي بدأنها قبل ثلاثة شهور للسماح للمرأة السعودية بالمشاركة في الانتخابات البلدية، رافضة الأعذار التي تحججت بها لجنة الانتخابات. وقالت ل"العربية.نت": "نحن لم نفشل في حملتنا ولكن ما يعبر عن الموقف أكثر هو أن قرار اللجنة العليا للانتخابات هو قرار فاشل لأنه يحاول أن يهمش من دور المرأة السعودية للمرة الثانية على التوالي، دون خشية أن يؤدي ذلك إلى أضرار سلبية على صورة السعودية في الخارج وعلى استمرار حماسها للعمل الوطني". إنشاء مجلس بلدي في الظل وتكشف الدكتورة الفاسي عن عزمها وناشطات أخريات إنشاء مجالس بلدية نسائية موازية لمجالس الرجال، وتقول: "لم نستسلم ولم نوقف حملتنا.. وقررنا إنشاء مجالس بلدية ظلية وموازية للانتخابات البلدية التي ستقوم بها الوزارة للرجال.. فنحن لم نخرج للشارع وسيكون الأمر مقصوراً على النساء". وتتابع: "لا يوجد شيء في النظام يمنع أن ننشئ مجلساً بلدياً في الظل ولهذا سنقوم بذلك مع أنه أصلاً لا يوجد في النظام ما يمنع أن نشارك في الانتخابات الحقيقية، ولكن هناك مبالغة في الأعذار المستخدمة، وهي أعذار واهية وتحجج بالمعايير الدولية المطلوبة، مع أن تلك المعايير تفرض ألا يكون هناك تميز على المرأة.. أما مقولة نواقص في مقار الاقتراع فهي ذات الحجة التي قالوها قبل سبع سنوات، وهي حجة مردود عليها منذ المرة الأولى، والآن ترد أكثر لأنه ليس هناك عذر مقبول لذلك". وتستغرب الدكتورة الفاسي من عدم معرفة لجنة الانتخابات بهذه الصعوبات منذ المرة الأولى.. وتضيف: "كما نكتب منذ فترة طويلة ونذكر وزارة البلدية بأن تجهز نفسها لهذا الأمر، وليس مفاجأة لها أن تكتشف أن بالسعودية تسعة ملايين امرأة.. فهل هذا اكتشاف جديد؟ وأنها بحاجة لتجهيز نفسها، أبسط دولة في العالم تستطيع أن تنشئ انتخابات واسعة وتنجح في ذلك، لذلك فهذه الحجة غير مقبولة". مشاكل تنظيمية.. والأنظمة لا تمنع من جهته، أكد رئيس لجنة الانتخابات البلدية، عبدالرحمن الدهمش، أن النظام ذاته لا يمنع مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، مرجعاً مشكلة عدم المشاركة إلى "بعض النواقص في مراكز الاقتراع وفي العملية الانتخابية". وأضاف "لا يمكن أن نجزئ مشاركة المرأة على مستوى المملكة"، مؤكداً مشاركتها في الوقت المناسب. وشدد الدهمش على أن إجراءات تصويت المرأة في الانتخابات يجب أن تتخذ وتتوافر في جميع المناطق استعداداً للمراحل المقبلة، مثمناً الجهد الذي تؤديه، ومتمنياً فتح المجال لها للعمل في كل أمانات المملكة. ووعد الدهمش الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي عقده بمناسبة انطلاق فعاليات المجالس البلدية في دورتها الثانية بأن "تكون مشاركة المرأة في الانتخابات واقعاً معاشاً في الفترة المقبلة بعد استكمال النواقص"، مشيراً إلى أن إجراءات تصويت المرأة في الانتخابات يجب أن تتخذ، وأن تتوافر في جميع المناطق، وفي حال توافرها ستشارك المرأة كصوت ناخب، ممتدحاً عمل المرأة في الجانب التنفيذي بأمانة مدينة الرياض. وثمّن الجهد الذي تقوم به المرأة، واعداً بفتح المجال لعمل المرأة في كل أمانات المناطق في السعودية. حملة "بلدي" مستمرة وعلى الرغم من قرار اللجنة لايزال عدد من الناشطات الحقوقيات يواصلن حملتهن على "فيسبوك" لتأكيد حقهن في المشاركة بالانتخابات البلدية، مؤكدين أنهن لن يتوقفن حتى يحصلن على ما يردن. مؤكدين أنه مادام أن النظام لا يوجد فيه ما يمنع وهو لا يقصر المشاركة على الرجال فهن يردن أن يحصلن على فرصتهن بغض النظر عن الفوز أو الخسارة. وهو ما يحظى بدعم عدد كبير من الإعلاميين. وتجتذب حملة "بلدي" التي أطلقتها عدد من النشاطات السعوديات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أكثر من 2014 عضواً. وتعرف الحملة عن نفسها بأنها "مجموعة وطنية وبمبادرة نسائية مستقلة وبتمثيل وطني شامل لجميع مناطق المملكة العربية السعودية، وهي تسعى لتحقيق المشاركة الفعالة والكاملة للمرأة السعودية في المجالس البلدية من خلال التوعية والتأهيل لإيماننا بحق المرأة في المشاركة وأهمية دورها في تطوير الخدمات البلدية والقضايا الاجتماعية غير المفعلة لأنها أكثر ملامسة لاحتياجات الأسرة والمجتمع وبدعم الرجل والمرأة في هذه الانتخابات". وهي تهدف إلى "السعي إلى حصول المرأة على حقها في الانتخاب والترشح في الانتخابات البلدية لعام 2001.. وتأهيل وتدريب فرق العمل والمرشحين والمرشحات للانتخابات البلدية". ويضيف القائمون على الحملة "للمرأة نفس الحق المعطى للرجل بحيث تتمكن من الحصول على حقوقها وممارستها بصورة متساوية دون أي تمييز بينهما، ما يعني أن حق المشاركة في الانتخابات حق مشروع للمرأة أيضاً حسب نصوص المواثيق الدولية التي وقعت عليها المملكة، والنصوص والتشريعات الدينية أيضاً". ولكن يبدو أن الحملة ستطول قبل تحقيق أهدافها.. ويذكر أن لوائح الانتخابات البلدية تجيز للمرشحين الحاليين الترشيح لفترة ثانية. وقد تم رفع عدد المجالس البلدية من 179 إلى 285 مجلساً، وهو ما سيرفع عدد متوسط الجلسات السنوية للمجالس إلى أكثر من 2400 جلسة.