"بين طبول الحرب التي تقرع منذ 10 أشهر، ولم تحسم بعد معاركها وترجح كفة طرف على آخر، ومحاولات السلام ومبادرات التهدئة المحلية والدولية المتعثرة"، لم تنجح أي من هذه المحاولات في تخفيف آلام وجروح الشعب اليمني، الذي يعاني في جميع مناحي حياته، التي دمرت تمامًا بسبب انقلاب الحوثي "الشيعة المسلحة" والمخلوع عبدالله صالح.. ومع استمرار الأزمة ظهرت على الساحة عدة مؤشرات تنبئ بتغيرات قريبة، ربما تقود لإنهاء الحرب واستعادة الدولة اليمنية، أبرزها الوعد بمفاجآت نوعية في المعارك، خاصة على جبهة صنعاء، واستعداد التحالف العربي المشترك لدخولها، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، توصله لاتفاق بخصوص إحلال سلام في اليمن مع وزراء خارجية دول الخليج العربي. تغيرات في معركة صنعاء أبرز التغيرات الميدانية ما نقله العميد سمير الحاج، المتحدث باسم الجيش الوطني اليمنى، بشأن مفاجآت قريبة حيث قال: إن "هناك مفاجآت ستحملها الأيام القادمة للميليشيات الحوثية، وإن قوات الجيش والمقاومة اقتربت من حدود العاصمة صنعاء". وتابع "الحاج" في تصريحات نقلها المركز الإعلامي للمجلس العسكري اليمني بتعز جنوب غربي البلاد: "إن الوضع الميداني حول صنعاء يسير بشكل جيد، وبحسب ما هو مخطط له"، مؤكدًا أن قوات الجيش والمقاومة اقتربت من حدود العاصمة صنعاء، مما سيغير المشهد، وربما يحدث انهيارًا مفاجئًا للميليشيات في جميع الجبهات– على حد قوله.
ويبدو أن التغيرات المعلن عنها ترتبط بشكل كبير بالتواصل مع الوجاهات القبلية في صنعاء ومحيطها، والحصول على دعم أكبر منهم في المعارك الجارية، حيث أكد مصدر مطلع أن خطة معركة صنعاء وتطهير المناطق المحيطة بها شهدت تغييرات كبيرة، مضيفًا أن عددًا من القبائل والوجاهات اليمنية المحيطة بالعاصمة تسعى إلى الانضمام إلى صفوف الشرعية.
وتابع المصدر في تصريحات ل"الشرق الأوسط"، أن "في مناطق شمال وشرق اليمن عمليات عسكرية موسعة وتحركات للقيادات المحلية الموالية للشرعية، باتجاه تطهير ما تبقى من تلك المناطق من الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وتظهر هذه التحركات تفكيكًا لجبهات المتمردين الحوثيين في مأرب ومحافظة صنعاء، وتشير إلى تطورات كبيرة في سير المعارك بتلك المناطق".
ونفى رئيس مجلس مقاومة صنعاء الدكتور شادي خصروف، الأنباء التي ترددت عن مفاوضات لتسليم صنعاء دون قتال، مؤكدًا عدم وجود أي اتصالات مع "الانقلابيين". وأكد في تصريحات له وجود اتصالات «فردية من قبل شخصيات ووجاهات قبلية تريد أن تتخلى عن الانقلابيين تمامًا والدخول في السلم، وهذا ما نراهن عليه بعد توفيق الله وجهود مقاومتنا الباسلة».
وبحسب مراقبين، تراهن جماعة الحوثي على كسب ولاء القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء، للوقوف معها في مواجهة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية. في المقابل، يؤكد خبراء أن القبائل "براغماتية" تنحاز لمن يتقدم على الأرض، وهذا ما يصب في صالح القوات الموالية للشرعية.
الحوثيون يسعون لاستمالة القبائل
يسعى الحوثيين كما يبدو لاستخدام نفس السلاح، حيث يسعون لاستمالة زعماء القبائل المحيطية بها، خاصة مع سيطرة الجيش الوطني والمقاومة على مناطق واسعة بمديرية نهم (شرق صنعاء)، واقترابها من مديرية بني حشيش.
ونقلت مصادر قبلية لموقع "الجزيرة نت" قيام رئيس "اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين محمد علي الحوثي، خلال الأيام الماضية، بلقاء مشايخ من مديريات الحيمة الداخلية وأرحب وبني حشيش، وحثهم على الوقوف معهم في معركة "الشرف والكرامة"، وحاول من خلال كلماته إثارة البعد المناطقي، بتخويفهم من تسليم مناطقهم لمن يريدون "احتلالهم"، على حد قوله.
مجريات الحرب علق رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب، على المعارك بصنعاء وتطورات الوضع الحالي على الساحة اليمنية ميدانيًا وسياسيًا، مؤكدًا أن "مجريات الحرب في اليمن لم تستوعب المتغيرات في الواقع"، مضيفًا ان "هذا ما يعيق أي تحول جذري لتحقيق أهدافها".
وأكد غلاب، في تصريح له، أن اليمنيين يحتاجون لإعادة ترتيب العمليات العسكرية بالتوازي مع صياغة تحالفات جديدة، بما يمكنهم من إنجاز سلام يستعيد الدولة وينهي النفوذ الإيراني. وأضاف أن على التحالف تفكيك أطراف الانقلاب لإنقاذ المشروع الجمهوري، ولملمة صفوف الحركة الوطنية وتجديد مشروعها.
وحول تحرير صنعاء أكد المحلل السياسي أن الآليات المتبعة حاليًا في عملية التحرير مكلفة، وستأخذ وقتًا وستؤدي إلى مأساة– على حد وصفه. وطالب قوات الشرعية والتحالف العربي بالإبداع في إدارة المعركة، مضيفًا أن "الإبداع عادة ما يكون في قرارات سهلة جدًا وغير مكلفة، ولكن مفعولها حاسم". واختتم غلاب تصريحه قائلًا: "المسألة سهلة فهناك أطراف منخرطة في الانقلاب وترفض كل إجراءاته، كما توجد قوى أمنية وعسكرية وقبلية تتناقض مصالحها مع الحوثيين، ويمكن استمالتها والتعاون معها".
جهود السلام تسير الجهود نحو السلام على نفس وتيرة جهود المعارك الميدانية كما يبدو، حيث كشفت تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، عن توصله مع نظرائه في الخليج إلى اتفاق بتسريع الجهود الرامية لإعادة السلام في اليمن. ونقلت شبكة العربي الجديد الاخبارية تصريحات لكيري، أكد فيها "وجود أفكار جديدة حول كيفية تحويل الاتفاق المبدئي إلى واقع عملي"، ولكنه لم يدل بأي تفاصيل عن طبيعة الأفكار الجديدة أو الآليات المقترحة لتطبيقها.
واختتم كيري تصريحاته بالقول: إن "السعودية أبدت استعدادها للتعاون في التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن، مثلما أبدت تعاونها في ما يتعلق بجهود استعادة السلام في سوريا". تأتي تصريحات كيري عقب دعوة البيت الأبيض السبت الماضي، أطراف الصراع في اليمن لاستئناف المفاوضات في اليمن، مشيرًا لقلقه بشأن التقارير التي تحدثت عن تضرر المدنيين. فيما يواصل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، محاولاته تشجيع طرفي الصراع على الجلوس في جولة مفاوضات ثالثة، تستمر حدة المعارك في البلاد. وعلى الرغم من تصريحات كيري والمحاولات المتكررة لولد الشيخ، إلا أن مراقبين يمنيين يرون أنه لا يوجد ما يدعو للتفاؤل، وأن السلام مازال مطلبًا بعيد المنال.