باسم الخصخصة وحرية السوق أصبح من حق أي تاجر أن يرفع سعر حليب الأطفال أو سعر الدواء متى ما أراد. ومن حق رب العمل أن يصرف هذا العامل أو ذاك من دون صرف حقوقه ومستحقاته، وصار من حق أي دراكولا أن يمتص عرق ودم الموظفين والعاملين معه وأن يعاملهم معاملة العبيد، ومع انتشار المدارس والجامعات والمستشفيات الخاصة ظهر صنف من الدراكولات يمتصون دماء الأساتذة، ودماء الأطباء، دماء الطلبة، ودماء المرضى، والممرضات. والمأساة أن الحكومة التي كانت وظيفتها حماية المواطنين من هؤلاء الدراكولات تخلت باسم الخصخصة وحرية السوق عن وظيفتها ومسئوليتها، فالخصخصة كما تُفهم وتُمارس اليوم تعني أن احتياجات المواطن ومتطلباته أشياء لا تخص الحكومة ولا تعنيها ولا هي من اختصاصها. كما أن معاناته لم تعد مسألة تقلق بالها. والسبب أن المسئولين - بعد الخصخصة وحرية السوق – خصخصوا الكراسي وخصخصوا الوظائف والمناصب وحولوا ملكية الدولة ومؤسساتها إلى ملكية خاصة، وتحولوا هم أنفسهم إلى دراكولات أعظم من دراكولات السوق، أما النقابات التي نشأت لتدافع عن حقوق الممصوصين فقد تم خصيها – بعد الخصخصة – وصار دورها بعد الخصي هو الدفاع عن مصاصي الدماء، وعن حريتهم، وعن حقهم في الخص والمص. وحتى ثورة الشباب تعرضت هي الأخرى للخصي وللخصخصة، وتم تحويلها من ملكية عامة إلى ملكية خاصة للأحزاب.