فيه أن أي انتخابات تجري في العالم تتسم بطابع جدي، لكن خلف المنافسة المحمومة والبرامج الانتخابية هناك دائمًا بعض الحقائق التي تشغل بال الناخبين بعيدًا عن السياسة. بدأ الناخبون الأميركيون اليوم الثلاثاء بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي ستحسم هوية رئيس الدولة الأقوى في العالم خلال السنوات الأربع المقبلة. والانتخابات الأميركية باعتبارها الأهم عالميًا ينظر إليها بالكثير من الجدية والترقب المشوب بالقلق. وبعيدًا عن هذه الأجواء، ينشغل بعض الأميركيين باسئلة حول طقوس تتكرر كل أربع سنوات، فما سر إجراء الانتخابات يوم الثلاثاء في شهر تشرين الثاني (نوفمبر). تحديد التاريخ فرضته الأحوال الجوية ومواسم الحصاد، ففي الازمنة القديمة كان الناخب ينتقل على ظهر الخيل، فاعتبر الثلاثاء اليوم الأفضل لأنه يتيح للناخب زيارة الكنيسة يوم الأحد، وبدء رحلته يوم الاثنين، ليدلي بصوته الثلاثاء. أما شهر نوفمبر فكان الأفضل بين موسم الحصاد وقبل بدء فصل الشتاء البارد. الحمار والفيل من المعرف أن الجمهوريين يستخدمون رمز الفيل والديموقراطيين رمز الحمار. فما كان سبب الاختيار؟ قصة الحمار بدأت مع الديمقراطيين سنة 1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي آنذاك أندرو جاكسون شعار "لنترك الشعب يحكم"، وسخر منافسه الجمهوري من هذا الشعار ووصفه بأنه شعبوي، فما كان من جاكسون إلا أن اختار حمارًا وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية ضد منافسه الذي كان يظهر على أنه نخبوي وليس قريبا من هموم الناس. أما الفيل الانتخابي الضخم فبدأ استعماله خلال الإنتخابات الرئاسية التي جرت عام 1860. وظهر الفيل كشعار للحزب الجمهوري لأول مرة في دعاية سياسية مساندة لإبراهم لينكولن في هذه الإنتخابات التي فاز بها فعلا. لكن الفيل والحمار لم يتحولا إلى شعار سياسي للجمهوريين والديموقراطيين إلا عام 1870 عندما قام رسام الكاريكاتور الأميركي الشهير توماس ناست بالتعبير عن تذمره مما وصفه بخروج الحزب الجمهوري عن قيمه الليبرالية واختصر الحزب في رسم كاريكاتوري لفيل ضخم مذعور يحطم كل ما تطؤه قدماه كتب على جسمه عبارة "الصوت الجمهوري" ومنذ ذلك الحين تحول الفيل إلى شعار للحزب الجمهوري. وعمد ناست في العام نفسه إلى اختيار حمار كرمز للحزب الديمقراطي يتبارز مع فيل جمهوري مذعور. الألوان وللألوان نصيب في الانتخابات الأميركية أيضًا، حيث نجد أن الحزب الديمقراطي يستخدم الأزرق، بينما يستخدم الحزب الجمهوري الأحمر، لكن تبدلا في لوني الحزبين قد حدث في انتخابات 1980، فقد جرى صبغ الولايات التي فاز فيها المرشح الجمهوري رونالد ريغان باللون الأزرق، وخصمه الديمقراطي، جيمي كارتر باللون الأحمر. وفي أواخر عام 1996، اختلفت كبرى وسائل الإعلام الأميركية إزاء كيفية استخدام الرمز "اللوني" للحزبين، وحسم الخلاف في 2000 بتخصيص الأحمر للرمز للولايات التابعة للجمهوريين والأزرق للديمقراطيين.