الإخوان المسلمون في مصر يرفضون وبشدة التراجع عن مجرد إعلان دستوري باطل ومرفوض شعبياً، ورغم غليان الشارع المصري الرافض للشمولية والذي سير على مدار أسبوع مظاهرات مليونية واحتجاجية جابت كل محافظات جمهورية مصر العربية ؟ الإخوان وبدلا من الاستماع إلى رأي الشعب خصوصا وبعد حسم القضاء ببطلان الإعلان الدستوري وانسحبت كل القوى من الجمعية الخاصة بالتعديلات الدستورية قاموا بتسيير مظاهرات مليونية مقابلة وسارعوا إلى إنجاز دستور ملفق أقروه خلال ساعات، ليس هذا وحسب بل أنهم أبدوا استعدادا كاملا للصراع والقتال الأهلي وتجاهل رأي الكنيسة، ما قد يدخل مصر فعلا في نفق خطير قد يهدد بالانقسام الاجتماعي. السؤال هو: ماذا لو فاز حزب آخر عليهم في الانتخابات القادمة أثناء إمساكهم بكامل سلطات الدولة ؟هل يمكن أن يتركوا السلطة بسلام؟ *قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار هكذا هتف أحد خطباء الإخوان في ميدان الجيزةبالقاهرة وهو يتوعد متظاهري ميدان التحرير المعارضين للقرار بالويل والثبور وعظائم القبور. بإعلان الإخوان للجهاد ضد معارضي الإعلان الدستوري يكونون قد أعلنوا وبوقاحة ومن أجل الاستحواذ على السلطة قرار تقسيم المجتمع المصري إلى قسمين. مسلمين وكفار، إخوان وأعداء، محافظين وإباحيين. *ولماذا نذهب بعيداً، فقد أعلن الإخوان والسلفيون في تظاهرتهم أمام جامعة القاهرة الجهاد في سبيل الله صراحة وبدون أي حرج ولكن ضد العلمانيين، وفي المظاهرة نفسها كما في مظاهرتهم السابقة رفعوا أعلام القاعدة والجيش السوري الحر وتعاهدوا أمام الكاميرات على تطهير القضاء والإعلام المصري من أعداء الله. *هنا الجوهر ...هنا الديناصورة الأم ! خطاب الإخوان والسلفيين خطاب تحريضي عنيف تقطر منه الدماء وتتطاير من حوله الأشلاء. ما يرتكب اليوم في سورية من فضاعات ضد الإنسانية ليس سوى عرض، أما الجوهر فقد رأيته هنا في ميدان الجيزة وفي خطبهم وهتافهم وأعلامهم وتكبيراتهم للفتح أيضاً . كل الفراخ السلفية والجهادية خرجت من بيضة الإخوان – الأم- وعلى فقاسة السعودية والخليج وبراميل من النفط والغاز والبترول. لا خيار في تكبيرات الجهاد في الجيزة أمام السلطة كلها أو الطوفان كله. وفي لحظة الدينونة تعود الفراخ الطائشة إلى حضن الديناصورة الأم، ويلتقيان معا على نهر من الدماء وأشلاء من الأوطان المتشظية. هكذا حدث في أفغانستان، والأنبار، والصومال، وليبيا، وسورية، وإمارة وقار .... وهكذا يحدث اليوم في بلاد الكنانة مصر.
*حكم الإخوان ...تقسيم البلدان ! في كل بلد يستحوذون فيه على السلطة يضعونه وشعبه أمام خطر التقسيم والتشظي . لم تنقسم السودان إلى سودانين "السودان - وجنوب السودان" ولا تزال مهددة بسودانيات أخرى إلا في عهد استفراد الجبهة الإسلامية للإنقاذ على السلطة . -ولم تنقسم فلسطين إلى كيانين وسلطتين "الضفة - غزة "إلا في عهد استفراد حماس بسلطة غزة المحاصرة ورفضها لأي حكومة وفاق وطني حتى مع بقية الفصائل من خارج فتح . -ولم نسمع أن ليبيا يمكن أن تنقسم إلى ثلاث دول أو أكثر إلا حين هيمن إسلاميو الناتو على سلطة القرار العسكري والمليشياوي على الأرض. -كما أن مخاطر الانفصال والتقسيم والتشظي تهدد اليوم اليمن أكثر من أي وقت مضى، ولينظر اليمنيون إلى مشاعر الجنوبيين في عدن تجاه الوحدة قبل وبعد سيطرة الجماعة على سلطتها المحلية . -وإذا ما أسقط المجاهدون- والعياذ بالله - سورية العروبة والمقاومة، فلن تسقط إلا متشظية إلى ثلاثة كيانات على الأقل أحدها في حلب والآخر في دمشق والثالث في اللاذقية، وربما يخططون لكيانات أخرى في لبنان والعراق. -وبالمثل نجد مصر اليوم على حافة الانقسام والتشظي بعد قرارات مرسي الاستبدادية ومحاولة الإخوان الحثيثة قهر بقية المعارضين بما في ذلك التجاوز بخفة لرأي القضاء ولموقف المسيحيين بكنائسهم الثلاث الرافض للدستور المسلوق ليلا . السؤال هو: لماذا يجد العربي اليوم نفسه بين ثنائية سيطرة الإخوان على الحكم وتشظي أو انقسام بلده - الوطن ؟ الجواب ببساطة: لأنهم - سامحهم الله- يضعون حين يحكمون بقية فئات شعبهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بدور التابع لا المواطن والموظف لا الشريك أو البحث له عن وطن بديل ولو على حساب وحدة الوجدان والتراب الوطني... وهذا ما حدث ويحدث للأسف الشديد في أكثر من مكان .
*ثورة مصر بين اقتحام مراكز الشرطة ومقرات الجماعة في ثورة 25يناير 2011، قامت جماعة الإخوان من دون بقية الثوار باقتحام وحرق مراكز الشرطة والسجون في مختلف المحافظات، فسقط نظام حسني مبارك وكادت الدولة المصرية نفسها أن تسقط، في الموجة الثالثة للثورة " ثورة 22نوفمبر 2012م" اقتحم المتظاهرون العديد من مقرات الإخوان وحزب العدالة والحرية وقاموا بإحراق وإتلاف كل محتوياتها في كثير من المحافظات والمديريات فسقطت الجماعة معنويا لكنها رفضت أن تسقط ماديا، عدم تراجع الرئيس الإخواني محمد مرسي، عن الإعلان الدستوري يعني سقوط نظام الإخوان نهائيا وربما سقوط مصر الدولة والوحدة الوطنية.
* وماذا عن اليمن ؟ في اليمن لم يستولوا بعد على كامل السلطة، ولكنهم على قاب قوسين أو أدنى منا. وحتى يصلوا إلى نهاية الطريق ويستولون على مفاصل الدولة وكامل السلطة لا يزالون بحاجة إلى الاشتراكي وبقية القوى المدنية الأخرى في المشترك وخارج المشترك، ولذلك تجدهم بين فترة وأخرى يدعون شراكتهم مع الآخرين وإن كانت وعوداً نظرية لا أكثر ولا أقل. أما حين يصلون - وبعد أن رأيناهم في الجيزة وهم يتحدثون عن "الأعداء" والفلول، قاصدين بقية الثوار في ميدان التحرير، فلن يسمعوا إلى أحد وسيجد الجميع أنفسهم أمام الأمر الواقع وقرارات سريعة وليلية تحشرهم في خيارات صعبة إما نحن وحدنا أو "لا أحد غيرنا" تماما كما هو الحال اليوم في مصر.
*الكنيسة القضاء ! يراهن الإخوان على عجز القوى المدنية على الحشد مرة بعد مرة وعلى ضيق نفسهم في مواصلة الاحتجاجات، غير أنهم لا يدركون أن مصر أكبر منهم، وحتى لو توقفت المظاهرات في مصر فإن مؤسسة القضاء التي بدت صلبة كالصخر وبدا رجال القانون أعلى من أن تطال استقلالهم ترهيبات الإخوان لن تتوقف عن مواصلة احتجاجها والحفاظ على استقلالها، كما أن الكنيسة المرقسية لن تقبل المشاركة في الاستفتاء مع بقية القوى المدينة، وبصراحة وأمام صلابة موقف الكنيسة أشعر وأنا المسلم أن الأمل اليوم في إيقاف وحوش الحديقة الجوارسكية هو في مسيحيي مصر.
*تغريدة ! * أكثرية الشعب السوري مع نظام الأسد، ليس لأن الشعب السوري خرج بالملايين مؤيدا لنظام الأسد، بل لأنه لم يخرج بالآلاف محتجاً عليه.