سادت حالة من الدهشة والذهول العديد من الأوساط في الدول العربية إثر إعلان الأممالمتحدة منذ أيام تقرير بشأن مصير أطفال ضحايا النزاعات المسلحة في 2015 في 14 بلداً، والذي وضع التحالف العربي في «القائمة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال خلال الصراعات العسكرية». والأمر الذي يدعو للدهشة ليس في توجيه الاتهامات للتحالف ب«انتهاك حقوق الأطفال» لأنه اتهام في الأساس عارٍ عن الصحة وليس لقيام المنظمة الدولية فوراً بسحب التحالف من «القائمة»، ولكن لأن الأممالمتحدة أثبتت بكل وضوح أنها قد لا تكون معنا على كوكب الأرض على الرغم من وجود ممثل لها مكلف بمهمة تنفيذ القرار 2216 وإنهاء انقلاب «الحوثي»، وإعادة الحكم الشرعي لليمن، وعلى الرغم من انتشار مكاتب تابعة للأمم المتحدة في العديد من دول العالم، ومنها الدول العربية، مهمتها تسهيل وتوزيع ورصد المساعدات الإنسانية ومن يستحقها، فإن كان مبعوث الأممالمتحدة يعلم زيف المعلومات التي وردت للمنظمة من المصادر «الحوثية» قبل إصدار التقرير ولم يتحرك لتصحيحها وحذفها فتلك مصيبة، وإنْ كان لا يعلم وهو بيننا فالمصيبة أعظم. فهل لا تعلم الأممالمتحدة أن قيادة التحالف منذ اليوم الأول للعمليات العسكرية التي تمت بطلب من الرئيس الشرعي لليمن الشقيق تتواصل مباشرة مع وسائل الإعلام والمنظمات الدولية لشرح ما يجري على الأرض وخاصة انتهاكات «الحوثي». وهل لا تعلم الأممالمتحدة أنه خلال سبعة شهور فقط من عام 2015 (من أبريل إلى أكتوبر) ارتكبت جماعة «الحوثي» 15685 من الانتهاكات الحقوقية والسياسية في 17 محافظة يمنية؟ وهل لا تعلم الأممالمتحدة أن في نفس الفترة قام «الحوثيون» بقتل ما يقارب 1828 مدنياً يمنياً، بينهم صحفيون وسياسيون في القرى التي يسيطرون عليها، وأن نصف ضحايا هذه الانتهاكات هم من النساء والأطفال؟
وهل لا تعلم الأممالمتحدة أن مليشيا «الحوثي» وصالح قامت بتجنيد قرابة 2500 طفل بين سن 7 و12 عاماً، ودفعهم إلى جبهات القتال؟ وهل لا تعلم الأممالمتحدة أن مليشيا «الحوثي» وصالح تفرض منذ شهور عديدة حصاراً على تعز نتج عنه دمار شامل للبنية التحتية والمستشفيات والجامعات، إضافة لتحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية مع منع وصول المساعدات الإنسانية لأهالي تعز؟ وهل لا تعلم الأممالمتحدة أن أكثر من 80% من سكان اليمن انزلقوا تحت خط الفقر خلال عام 2015، كما انكمش الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 40% عما كان عليه عام 2014، وانكمش النمو من (– 12) في المئة عام 2014 إلى (– 34 في المئة) العام الماضي، وتعدت نسبة البطالة 65%، فيما أغلق 75% من قطاع الأعمال في اليمن، وأصبحت الخدمات الأساسية شبه معدومة، ونحو 1.8 مليون طفل عجزوا عن الالتحاق بالمدارس؟ وهل لا ترى الأممالمتحدة أن التحالف العربي يمسك بيد السلاح لتحرير اليمن من الجماعة الانقلابية، وباليد الأخرى معول البناء والمساعدات للشعب اليمني؟ وفي هذا الإطار، تتعدد مساهمات دول التحالف في مشروعات إعادة تأهيل القطاعات الحيوية في اليمن. هل لا تعلم الأممالمتحدة أن مليشيا «الحوثي» ومن ورائهم إيران لا هدف لهم سوى تدمير اليمن وتجويع شعبه وتحويله لليمن «البائس» بدلاً من السعيد؟ وهل تجاهلت الأممالمتحدة ما نصت عليه ديباجة ميثاقها بأن «شعوب العالم قد آلت على نفسها أن تنقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف»، وأن التحالف يقوم بإنقاذ اليمن من ويلات «الحوثي» وإيران؟ فإن كانت الأممالمتحدة تعلم هذا كله وأصدرت تقريرها المذكور، فتلك مصيبة، وإنْ كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم.