الرئيس الأفغاني الذي يُشك على نطاق واسع في قدرة حكومته على ضبط الأوضاع في البلاد بعد انسحاب القوات الأجنبية الذي يكتمل بنهاية 2014 يخشى أن يجري تهميشه في إطار صفقة بين الأميركان وحركة طالبان ترعاها قطر وتموّلها. وكشف الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، أمس، أن الأميركيين وطالبان يجرون مفاوضات في قطر بشكل يومي، بعد عام من توقفها، متهما الحركة الأفغانية المعارضة بأنها تسعى لإطالة أمد بقاء القوات الدولية من خلال الهجمات الدموية التي تنفذها. ويخشى الرئيس الأفغاني الذي يُشك على نطاق واسع في قدرة حكومته على ضبط الأوضاع في البلاد بعد انسحاب القوات الأجنبية الذي يكتمل بنهاية 2014 أن يجري تهميشه في إطار صفقة بين الأميركان وحركة طالبان التي بدت بعد أكثر من عشر سنوات، عصية على الهزيمة عسكريا. بل إن الخبراء يؤكدون أنها ازدادت قوة واستفادت من أخطاء الناتو الكثيرة، وأيضا من السمعة السيئة لحكومة كرزاي المتهمة بالفساد لاستمالة المزيد من الأفغان إلى صفوفها. وتحاول الولاياتالمتحدة من خلال محاورة طالبان أن تضمن انسحابا مشرفا لا يتضمن إعلانا صريحا عن الهزيمة. وهي ترتكز في رعاية تلك المفاوضات على قطر التي تتوفر على ثلاثة معطيات أساسية: أولها القرب الشديد لحكامها من الإسلاميين في كل أنحاء العالم وبمختلف فصائلهم، حتى الأشد عنفا من بينها، حسب بعض الروايات، وثانيها قدرتها على تقديم مغريات مالية كبيرة لحركة طالبان مقابل تنازلها في بعض الجوانب لصالح الأميركان. وثالث تلك المعطيات، عدم وجود رأي عام في قطر وإعلام حر يمكن أن يشوش على المفاوضات بنقدها أو تسريب بعض الأخبار عنها. ونقلت وسائل إعلام محلية، عن كرزاي، قوله في فعالية نظمت في كابول بمناسبة يوم المرأة العالمي، إن "أجانب وبعض الوطنيين في طالبان قدموا لنا معلومات عن المحادثات المتواصلة"، مضيفا أنه يبدو أن الأميركيين يعتقدون أن طالبان ليسوا من أعدائهم الذين يقتلون الأفغان الأبرياء يوميا، ومؤكدا أن المحادثات تجري بشكل يومي في قطر.وانتقد كرزاي، طالبان لإجرائها محادثات مع أجانب بينهم أميركيون، معتبرا أن على الحركة أن تبادر إلى محادثات سلام مباشرة مع الحكومة الأفغانية بدلا من الأجانب من أجل إحلال السلام في البلاد التي مزقتها الحرب. وقال الرئيس الأفغاني إن التفجيرات الانتحارية التي نفذتها طالبان السبت وأدت إلى مقتل 19 شخصا بينهم أطفال، تخدم المصالح الأميركية بالبقاء أكثر في أفغانستان. وأضاف أن هذه الهجمات تظهر أن طالبان تهدف إلى إطالة أمد الحرب والإظهار بأنه ما يزال هناك حاجة إلى القوات الأجنبية لضمان الأمن في البلاد. وأعرب عن ثقته بأن القوات الأفغانية قادرة على تحمّل المسؤولية الأمنية في البلاد بعد انسحاب القوات الدولية بقيادة حلف شمال الأطلسي في العام 2014 من أفغانستان. وقال إن بإمكان الجنود الأجانب البقاء في أفغانستان إلى ما بعد الموعد المقرر للانسحاب إذا قبلوا بشروط إدارته، موضحا بالقول إن "عليهم الموافقة معنا على إطار عمل يحترم سيادتنا الوطنية ودستورنا".وفي أول ردّ أميركي على تصريحات كرزاي، قال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه "هذا ببساطة غير صحيح... مازلنا ندعم عملية مصالحة سياسية يقودها الأفغان." ومن جهته نفى المتحدث باسم طالبان في أفغانستان ذبيح الله مجاهد أن تكون المفاوضات مع الولاياتالمتحدة استؤنفت وقال إنه لم يتم إحراز تقدم منذ تعليق المحادثات. وأضاف "طالبان ترفض بشدة تصريحات كرزاي". وتسعى حكومة كابول جاهدة لدفع طالبان لإجراء مفاوضات قبل انسحاب أغلب القوات القتالية التابعة لحلف شمال الأطلسي والتي تقودها الولاياتالمتحدة. ولم يجر مسؤولون أفغان محادثات مباشرة مع طالبان التي أطيح بها عام 2001 وأثبتت قدرتها على الصمود بعد أكثر من عشر سنوات من قتال ضد القوى الغربية. ويسعى دبلوماسيون أميركيون إلى توسيع المحادثات التمهيدية مع طالبان والتي بدأت سرا في ألمانيا بنهاية عام 2010 بعد أن عرضت طالبان فتح مكتب تمثيل لها في قطر. وأشارت باكستان قبل عدة أشهر إلى أنها ستدعم عملية السلام من خلال الإفراج عن محتجزين من طالبان الأفغانية مما قد يسهم في تشجيع عملية السلام.لكن لم تظهر مؤشرات ملموسة على أن هذه الخطوة أدت إلى تقدم في عملية المصالحة.