بعد صبر طويل، وبعد طول درس وتمحيص وتحقيق، أصدرت الدول المتضامنة، الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، قائمة مشتركة تشتمل على أسماء 59 إرهابياً فرداً من جنسيات عربية، وكذلك 12 كياناً إرهابياً، ما يجعل المشهد الإرهابي مفضوحاً، وما يؤكد أن خصومة هذه الدول مع قطر قائمة على حقائق ومعلومات واقعية، فرموز الإرهاب، كيانات وأفراداً، إنما يعملون تحت مظلة الدوحة وبتمويل قطري. القائمة، في واقع الأمر، لم تفاجئ أحداً، فهؤلاء، من خلال ممارساتهم المشينة الشاذة، وتوجهاتهم المعلومة، وخياناتهم ضد أوطانهم وأمتهم، معروفون ويكادون، كالمريب، يقولون خذوني. كل واحد من هؤلاء له تاريخه مع التطرف والإرهاب والظلام، ولكل مؤسسة مواقف من العار والخزي، وللأسف فإن هذه الكيانات تعمل تحت ستار العمل الخيري والإنساني، وهي أبعد ما تكون عن الخير والإنسان. اتفقت دول عربية أربع لها أهميتها وثقلها، ويمثل سكانها أكثر من نصف سكان الوطن العربي بأكمله، على قائمة الإرهاب هذه، ثم يجيء صوت قطر المرتعش، عبر وزير الخارجية القطري، ليؤكد، مجدداً، نظرية المؤامرة، حيث الإجراء الجديد يندرج تحت ما سمّاه «الاتهامات المرسلة»، وكأنه لا شغل لهذه الدول المحترمة، ذات الثقل والأهمية على مستوى الإقليم والعالم، إلا قطر واتهام قطر. الدوحة، بمثل هذا السلوك، كمن يسترسل في إطلاق الأكاذيب، ثم يرددها، خصوصاً عبر الأبواق الإعلامية الكريهة، كما في الحالة القطرية، إلى أن يصدقها، ثم يدافع عنها وكأنها حقائق مطلقة، وإذا كانت قائمة الإرهاب هذه تمثل خطوة ضرورية على الطريق الصحيح نحو الغايات النبيلة المعلنة، فإن شعوب هذه الدول تطالب قياداتها وحكوماتها باستكمال القصد عبر إصدار قائمة بمرتزقة الكتابة والصحافة والإعلام، سواء في الإعلام التقليدي بما فيه الفضائيات، أو الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي، آملين أن تشتمل تلك القائمة أيضاً على الأفراد والكيانات، باعتبار واجهات الدوحة الإعلامية جزءاً أصيلاً من اتفاقات اجتماع الرياض التكميلي (2014)، وما تلاه من تعهدات وقَّعت عليها قطر، خصوصاً، ما تضمنته نتائج قمة «التعاون» في الدوحة، في العام نفسه. منطلق ذلك أن الإرهاب إنما يقوم بجناحي التمويل والإعلام، وهؤلاء الذين يروِّجون للتطرف والإرهاب، ويحرِّضون على القتل، وعلى الفتنة التي هي أشد من القتل، إعلامياً وثقافياً، لا يقلِّون، أبداً، في خطرهم وأثرهم، عمن يمارس التقتيل والتفجير في المعنى المباشر. ومجدداً، فإن الإجراءات التصعيدية والموضوعية في الآن نفسه، من قبل دولة الإمارات وشقيقاتها المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، وما ساندها من خطوات الأردن والمغرب وموريتانيا وغيرها، إنما تهدف إلى تغيير سياسة النظام القطري، لكن ما يؤسَف له، تعامل نظام الدوحة مع رفض محيطه الخليجي والعربي لسياسته بأسلوب أقل ما يمكن أن يقال فيه إنه متبلد وغير مسؤول. وأقل ما يمكن أن يقال، إلى ذلك، إن قطر التي تتجاهل كل ما يدور حولها، وتستخف به، لترتمي في أحضان الفرس والعثمانيين الجدد، دولة تنتحر.