إذا صح خبر مقتل ثمانية أشخاص وإصابة سبعة في واحدة من مديريات صنعاء قبل يومين بسبب إقدام صاحب مزرعة على قتل حمار، فيحق لنا أن نسمي هذا اليوم يوم حمار.. مثله مثل أيام العرب الحمراء والسوداء، كيوم الفجار ويوم داحس والغبراء ويوم حليمة.. نقول يوم الحمار في القرن الواحد والعشرين، لأن الدماء التي سالت فيه ليس أقل كرامة من الدماء التي سالت يوم داحس أو يوم البسوس أو يوم براقش في قرون الجاهلية الأولى. قال الخبر إن صاحب مزرعة قتل حمارا، ولما احتج صاحبه قتله أيضا، فدخلت المنطقة جحر الحمار.. حيث دارت الحرب بين الأسرتين، وسقط كل أولئك الضحايا في هذا اليوم التاريخي المهيب.. يوم الحمار الحيمي. لا نهون من شأن قتل الحمار.. فالحيوان الناهق مثل الحيوان الناطق كلاهما مصان الدماء، ولا يقتل الحمار إلا إذا قتل حمارا، فالنفس بالنفس، أو إذا لم يعتقه صاحبه بدفع دية المقتول، ما لم يعفو ولي دم الحمار.. وقاتل الحمار قتل حمارا بجريرة أكل عشبة من مزرعته، وزاد قتل صاحبه، وتسبب في موقعة يوم الحمار هذه، وهرب. قال واحد من الأعراب الساخرين إن " الحمار ومن فوقه حماران شرهما الراكب"، والجد عندي أن أشر من الحمار قاتله ومن قاتل في موقعة الحمار هذه التي لا تستأهل أن يموت ويصاب من أجلها جحش بريء، فما بالكم بثماني نفوس أدمية زهقت وأقل منها بواحد أصيبت.. وكلامنا هذا لا يعني أن تترك دماء حمير اليمنيين تضيع.. أجدادنا اليمنيين تقاتلوا أربعين سنة من أجل " البسوس"، وفي سبيل تلك الناقة قتل مئات الناس، وكانوا يتقاتلوا بسبب جمل أو معزة أو كلب أو كلبة، ولا غرابة في ذلك، فالملكية الخاصة مصانة، فما بالك عندما يكون الجمل أو الناقة أو الكلبة أو الكلب قبيلي ابن قبيلي أو ينتمي إلى قبيلة، لذلك لا نلوم الأحفاد الذين قاتلوا وقتلوا في يوم الحمار.. لكننا نسأل أين كان زيد الخيل وزيد الخير، وأين كان المشايخ وسائر العقلاء في هذا اليوم الحميري؟ كيف سمحوا بحدوث ذلك، ولم يسارعوا إلى افتداء أرواح الناس بارتهان إحدى عشرة حمارا ومجموعة بنادق عدال.. ما لهم لم يسارعوا إلى احتواء حرقة صاحب الحمار على حماره المغدور به؟