جرت الإشارة، أول من أمس، إلى فتاة نحيلة شقراء زرقاء العينين لم تكمل تعليمها وتشير مزاعم إلى استغلالها اسما حركيا «جهادي جين»، باعتبارها إرهابية مزعومة عقدت عزمها على تجنيد آخرين لحساب القضية التي تؤمن بها، مع كشف محققين فيدراليين النقاب عن اتهامات جنائية موجهة لها يمكن أن تزج بها في السجن مدى الحياة. كانت كولين ريني لاروز، 46 عاما، قد احتجزت في هدوء في أحد السجون الأميركية منذ أكتوبر (تشرين الأول) بناء على الاشتباه في تقديمها دعما ماديا إلى إرهابيين وسفرها إلى السويد لتنفيذ هجوم هناك، طبقا لما ذكره مسؤولون فيدراليون اشترطوا عدم كشف هويتهم نظرا لاستمرار تكشف أحداث القضية. وتشير المزاعم المتعلقة بلاروز، التي ترعرعت في ضواحي فيلادلفيا، إلى أنها عمدت إلى تجنيد رجال ونساء داخل الولاياتالمتحدة وأوروبا وجنوب آسيا بغية «شن جهاد عنيف»، طبقا لما ورد بلائحة اتهام صدرت بحقها في بنسلفانيا. وذكرت وثائق المحكمة أنها استغلت مواقع على شبكة الإنترنت، مثل «يوتيوب»، في نشر مواد تحريضية على نحو متزايد. باعتبارها مواطنة أميركية يسمح لها مظهرها وجواز سفرها بالاختلاط في المجتمع الغربي، تمثل لاروز واحدة من أسوأ المخاوف التي تواجه محللي مكتب التحقيقات الفيدرالي والاستخبارات الذين ينصب اهتمامهم على تحديد مصادر التهديد الإرهابي. وتعد لاروز واحدة من بضع سيدات فقط وجهت إليهن اتهامات تتعلق بالإرهاب داخل الولاياتالمتحدة، طبقا لما أوضحه خبراء بمجال الأمن الوطني. على الجهة المقابلة من المحيط، شنت الشرطة الأيرلندية، صباح الثلاثاء، غارات بمنطقتي كورك ووترفورد، أسفرت عن إلقاء القبض على أربعة رجال وثلاث سيدات خضعوا لمراقبة إلكترونية من جانب السلطات الأميركية والسويدية لفترة. ويشتبه في أن السبعة كانوا يخططون مع لاروز لمهاجمة فنان سويدي، لارز فيلكس، الذي تسببت إحدى رسوماته المسيئة للنبي محمد في إشعال غضب المسلمين، تبعا لما ذكرته وسائل إعلام أيرلندية. من جهتهم، رفض مسؤولو وزارة العدل التعليق على عمليات إلقاء القبض التي وقعت في أيرلندا أو ما إذا كان فيلكس هدفا للمجموعة التي تقودها لاروز. من جهته، قال ديفيد كريس، مساعد وزير العدل لشؤون الأمن الوطني، إن إمكانية تورط امرأة أميركية في التآمر لدعم إرهابيين وسفرها إلى الخارج لتعزيز مخطط إرهابي «تسلط الضوء على الطبيعة المتحولة للتهديد الذي نواجهه». من ناحية أخرى، رفض مارك ويلسون، محامي لاروز من «مكتب المحامي الفيدرالي المحلي» في فيلادلفيا، التعليق على القضية. حتى الآن، ولم يحدد موعد لاستدعاء لاروز للشهادة أمام المحكمة فيما يخص الاتهامات الموجهة إليها، حسبما أعلنت متحدثة رسمية باسم المحامي مايكل إل. ليفي. ولا يزال الغموض يكتنف النهج الذي اتخذته لاروز، التي يبلغ طولها 4 أقدام و11 بوصة ولا يتجاوز وزنها 100 باوند، حتى انضمامها إلى الجهاد. سبق للاروز الزواج مرتين على الأقل، وعلى امتداد سنوات عدة منذ منتصف الثمانينات، ألقي القبض عليها في تكساس لإصدارها شيكات باطلة وقيادتها سيارة وهي مخمورة، طبقا لسجلات محكمة حصلت عليها «واشنطن بوست». ويعتقد المحققون أنها حولت اهتمامها إلى شبكة الإنترنت منذ بضع سنوات ماضية، واستخدمت أسماء مستعارة مثل جهادي جين وفاطمة لاروز. في ديسمبر (كانون الأول) 2007، نشرت «فاطمة لاروز» مادة على الإنترنت قالت فيها خلالها إنها تعيش في بنسلفانيا، وطلبت النصح إزاء كيف يمكنها مساعدة صديق مصري لها كانت تراسله لأكثر من عام على الحضور إلى الولاياتالمتحدة لقضاء عطلة عيد الميلاد معها. وتشير لائحة الاتهام إلى أنه بعد شهور، وصفت «جهادي جين» نفسها في مادة نشرتها عبر موقع «يوتيوب» في يونيو (حزيران) 2008 نفسها باعتبارها «تسعى بدأب للتوصل إلى أمر ما من شأنه مساعدة» المسلمين البؤساء. وتشير المزاعم المتعلقة بلاروز إلى أنها مضت قدما في تجنيد آخرين واهتمت بالسؤال حول ما إذا كان المجندون المحتملون يحملون جنسيات أوروبية تمكنهم من السفر بحرية. وبحثت عن مجندين يساعدهم مظهرهم «على الاختلاط بكثير من الناس» والتحرك بحرية من دون لفت الأنظار داخل أوروبا والولاياتالمتحدة. ووافقت لاروز على الزواج من أحد المتآمرين معها في محاولة لتسهيل إجراءات سفره إلى أوروبا، طبقا لرسائل عبر البريد الإلكتروني أشارت إليها لائحة الاتهام. بحلول مارس (آذار) 2009، اتصلت لاروز بالسفارة السويدية للحصول على معلومات بشأن كيفية الحصول على إقامة دائمة في السويد. وقد بعث لها الرجل الذي يعتقد أنه خطيبها المحتمل تعليمات ب«الذهاب إلى السويد... والعثور على مكان الهدف وقتله... هذا هو ما أمليه عليك». أما رد لاروز المزعوم، فكان «أتفق مع فكرة أنه من الجيد أن أختلط بهم». في يوليو (تموز) 2009، عقد عملاء تابعون لمكتب التحقيقات الفيدرالي مقابلات مع لاروز في بنسلفانيا، حيث أخبرتهم أنها لم تعمل على جمع أموال لصالح إرهابيين ولم تنشر مواد على موقع إرهابي على شبكة الإنترنت، طبقا لما ذكرته لائحة الاتهام، وأنها لم تستخدم اسم جهادي جين. في أغسطس (آب)، أزالت لاروز وأخفت الجزء الصلب من الحاسب الآلي الخاص بها، حسبما قالت السلطات. في اليوم ذاته، سافرت إلى السويد «بهدف العيش هناك وتدريب جهاديين، والعثور على وقتل» هدفها، حسبما ورد في لائحة الاتهام. وحملت لاروز معها جواز سفر أميركيا يخص رجلا جرت الإشارة إليه ب«كيه. جي»، كانت تعيش معه، وذلك من أجل تسليمه إلى «الإخوة»، طبقا لما ذكرته لائحة الاتهام. في سبتمبر (أيلول)، أجرت عمليات بحث عبر شبكة الإنترنت للعثور على هدفها، وانضمت إلى مجموعة إلكترونية استضافها وسافرت إلى مكان يجمع معجبيه في السويد، تبعا لما ورد في لائحة الاتهام. بحلول 30 سبتمبر (أيلول)، بعثت لاروز رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى الرجل المشار إليه باعتباره خطيبها قالت فيها إنه «شرف ومتعة عظيمة أن أموت أو أقتل» من أجله، مؤكدة أن «الموت وحده قادر على أن يمنعني هنا بعدما أصبحت على مثل هذه المسافة القريبة من الهدف!». في نهاية الأمر، عادت لاروز إلى الولاياتالمتحدة، حيث وجهت إليها اتهامات في أكتوبر (تشرين الأول) في إطار شكوى جنائية بمساعدتها في نقل جواز سفر أميركي يخص كيه. جي. ومثلت أمام محكمة في بنسلفانيا في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث وكلت محاميا عاما عنها، تبعا لما صرحت به متحدثة رسمية باسم وزير العدل الأميركي وممثلة عن مكتب المحامي العام. ورفضت السلطات، الثلاثاء، التعليق على السبب وراء الإبقاء على اتهام هيئة محلفين كبرى للاروز طي الكتمان لمثل هذه الفترة الطويلة وما إذا كانت تعاونت مع سلطات فرض القانون خلال فترة احتجازها الطويلة التي استمرت شهورا. يذكر أن وزارة العدل استغلت مثل هذه الاستراتيجية في العديد من القضايا سعيا للحصول على مزيد من المعلومات الاستخباراتية بشأن مشتبه فيهم ومخططات قبل الإعلان عن التحقيقات، حسبما صرح مسؤولون بارزون في الوزارة. وقال المتحدث الرسمي، ديان بويد: «كانت هناك نشاطات بمجال التحقيقات كان علينا حمايتها، ولو كنا جعلنا القضية معلنة... كنا سنعرض بذلك هذه التحقيقات للخطر». واشنطن: كاري جونسون * *خدمة «واشنطن بوست» خاص ب«الشرق الأوسط»