المرتزقة يعتقلون المهندس هشام شرف بعدن    سريع يعلن غرق سفينة ثانية في البحر الأحمر بعد استهدافها ويكشف عن مصير بعض من طاقمها    انباء عن غرق سفينة اخرى في البحر الأحمر وإنقاذ أفراد طاقمها    حضرموت.. شرارة الثورة الجنوبية ومصدر استعادة الدولة    قطع الماء والكهرباء والرواتب عن سكان عدن يهدد حياتهم بالفناء (تقرير)    إيقاف وزير خارجية الحوثي السابق بمطار عدن خلال محاولته مغادرة البلاد    وزير الصحة الإيراني: استشهاد 700 مدني جرّاء العدوان الصهيوني    وقفة احتجاجية لمعلمي شبوة للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية    القبض على وزير حوثي سابق بمطار عدن أثناء محاولته مغادرة اليمن    وكيل العاصمة عدن ومدير دار سعد يناقشان مستوى إنجاز المشاريع بالمديرية    الدولار في عدن يقفز الى 2805 ريال    انتقالي العاصمة عدن يقف أمام مستجدات الوضع العام في المديريات    الهجرة الدولية تعلن ارتفاع عدد النازحين داخليًا في اليمن    الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة الشيخ هادي بن ناصر الحارثي    عبر تسجيلات مسربة ..ترامب يهدد بقصف موسكو وبكين    اجتماع بصنعاء يناقش آليات التنسيق بين هيئتي المواصفات والأدوية    لقاء في الحديدة يؤكد انسحاب المنظمات قرار سياسي لا علاقة له بالعمل الإنساني    قاع البون في عمران مهدد بكارثة بيئية وزراعية    السقاف يزور التربوي القدير زكي مسعد ويشيد بعطائه الريادي    كم جنى تشيلسي بعد تأهله إلى نهائي كأس العالم للأندية؟    "حيا بكم يا عيال البرتقالة"    الحرب على الجنوب.. من الخطاب إلى الاجتياح    التجربة الأولى.. نجل أنشيلوتي يقود بوتافوجو    الإثنين.. الاتحاد يغادر.. وشراحيلي يدخل برنامجا خاصا    مظاهرات أمام البيت الأبيض رفضًا لزيارة نتنياهو ومطالبات باعتقاله    المرة الأولى.. فريتز يبلغ نصف نهائي ويمبلدون    فتّش عن البلاستيك في طعامك ومنزلك.. جزيئات خفية وراء 356 ألف وفاة بأمراض القلب سنويًا    ديمبيلي أمام فرصة لتتويج موسم استثنائي يقوده للكرة الذهبية    علماء يحلون لغز جمجمة "الطفل الغريب"    إنريكي يستقر على توليفة باريس لقهر الريال    حارس ميسي يوقع عقدا ب15 مليون دولار لمواجهة لوغان بول    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    ضابط استخبارات بريطاني سابق يكشف صناعة الغرب ل"داعش"    هم شهود زور على انهيار وطن    تغاريد حرة .. سيحدث ولو بعد حين    السقلدي يكشف عن القوى التي تسيطر على المهرة واسباب الحضور الباهت للانتقالي    ولادة على خط النار    (دليل السراة) توثيق جديد للفن والأدب اليمني    صنعاء .. الاعلام الحربي ينشر تسجيل مرئي للسفينة "ماجيك سير" من الاستهداف إلى الغرق    التعرفة بالريال السعودي.. كهرباء المخا من منحة إماراتية إلى مشروع استثماري    مايضير أوينفع الشاة بعد ذبحها    افتتاح أعمال المؤتمر العلمي التاسع لجامعة 21 سبتمبر    استقرار أسعار الذهب عالميا مع تزايد القلق من الرسوم الجمركية الأمريكية    - وفاة عميد المخترعين اليمنيين المهندس محمد العفيفي صاحب الأوتوكيو ومخترع ال 31 ابتكارا    الرصاص يتفقد سير العملية التعليمية والتربوية في البيضاء    شرطة تعز تمهل الجهات المختصة 24 ساعة لحل أزمة مياه الشرب وتؤكد أنها لن تقف عاجزة    اكتشاف مدينة مفقودة في بيرو عاصرت حضارات مصر القديمة وبلاد الرافدين    الخبير المعالج الصلوي: الطب الشعبي مكملاً للطب العام ، في عدة مجالات    الفصل الخامس    بعد ليزا نيلسون.. فنان فرنسي يتهم مها الصغير ب"سرقة" لوحاته    صنعاء .. التأمينات الاجتماعية تعلن صرف مرتبات المتقاعدين وتستعد للانتقال للمحفظة الإلكترونية    مدرب الناشئين:سنتيح الفرصة لاستكشاف المواهب على امتداد خارطة الوطن    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة تقبيل الحذاء ..
نشر في براقش نت يوم 30 - 10 - 2017

جاء الاعتذار المعيب والمذلّ، الذي أُجبر عدد من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت على الخروج به بعد قولهم ما يشعرون به حقيقة تجاه الأمين ل“حزب الله” السيد حسن نصرالله وحزبه، ليكشف واقعا لبنانيا أليما. يتجاوز هذا الواقع وضع الضاحية الجنوبية ببعيد. هذا الواقع مرتبط بثقافة فرضها “حزب الله” على مناطق لبنانية معيّنة وعلى قسم من اللبنانيين. اسم هذه الثقافة ثقافة الموت ونشر البؤس من أجل التمكن من المواطن وجعله يعتذر بالطريقة التي اعتذر بها والتي تؤكّد أن لا مستقبل للبنان في ظلّ سلاح غير شرعي تحمله عناصر ميليشيا مذهبية في خدمة مشروع لا علاقة له بلبنان من قريب أو بعيد.

أدلى مواطنون لبنانيون شيعة باعتذارهم على شاشات المحطات التلفزيونية اللبنانية بعد مضيّ أقلّ من أربع وعشرين ساعة على مهاجمتهم نصرالله وممارسات “حزب الله” على نحو لا سابق له منذ نشوء الحزب. كان في الاعتذار الذي يظهر بوضوح أنّه نصّ معدّ سلفا، تركيز خاص على حذاء حسن نصرالله مع ما يعنيه ذلك لجهة أنّه بات رجلا فوق البشر وأن المطلوب التعامل معه بصفة كونه ظلّا ل”المرشد” الإيراني علي خامنئي في لبنان.

قبل كلّ شيء، كانت ردّة فعل الناس الذين تضرروا من تحطيم قوى الأمن لمحلات أقاموها بطريقة غير مشروعة أكثر من طبيعيّة.

اعتاد هؤلاء المواطنون الذين يبدو أنّهم نازحون إلى بيروت من مناطق بقاعية وجنوبية على نمط معيّن من التعاطي مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها. إنّه نمط مطابق تماما لنمط تعاطي “حزب الله” مع لبنان واللبنانيين الآخرين. عاش هؤلاء في المربّع الأمني الذي أقامه “حزب الله” والذي لا هدف منه سوى تأكيد سيطرته على العاصمة اللبنانية، أيها تكن كلفة ذلك إن على الصعيد الوطني أو على صعيد إفقار المواطن اللبناني نفسه، أكان من الجنوب أو من البقاع… أو على صعيد إفقار بيروت وتحويلها إلى عاصمة من عواصم دول العالم الثالث أو الرابع أو الخامس في أحسن الأحوال.

ليس الحادث الذي شهده حيّ السلّم سوى تفصيل في المشهد الأكبر الذي اسمه “لبنان الساحة”، أي لبنان المطلوب أن يكون بلدا فقيرا وأن تبقى عاصمته أسيرة ممارسات “حزب الله” بدل أن تكون المدينة الأكثر ازدهارا على البحر المتوسّط. مطلوب، بكلّ بساطة أن تكون بيروت مدينة بائسة لا رصيف أو حديقة فيها… وتحت رحمة سلاح مذهبي غير شرعي، أي ضاحية فقيرة من ضواحي طهران. الهدف من ذلك أن يتمكن أي مسؤول إيراني من القول إن طهران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.

كانت غزوة بيروت في أيّار – مايو من العام 2008، وقبلها الاعتصام الطويل وسط المدينة، خير دليل على نظرة “حزب الله” إلى العاصمة. استهدفت الغزوة التي ركّزت على إخضاع أهل بيروت وتحويلهم الى مواطنين في الضاحية إذلال المدينة والقاطنين فيها. استهدفت عمليا تعميم نموذج الضاحية على لبنان كلّه، خصوصا على عاصمته. استهدفت غزوة بيروت جعل بيروت شبيهة بالضاحية وليس العكس. لذلك، هناك في كلّ وقت تلك النقمة وذلك الحقد على بيروت وأهل بيروت وعلى إعادة الحياة إلى وسط المدينة.

هناك نقمة وحقد على بيروت ووسطها لأنه مكان يلتقي فيه المواطنون من كل الطوائف والمذاهب والمناطق في ظل القانون وليس في ظل سلاح “حزب الله” وشريعة الغاب التي يسعى إلى فرضها حيثما حل. أكثر من ذلك، هناك سعي إلى توسيع تجربة الضاحية بكل تخلّفها في كلّ الاتجاهات. من يرى ما حل بالشويفات يدرك ذلك.

أولئك المواطنون الذين قالوا في “حزب الله” وأمينه العام ما يفكر فيه كلّ لبناني يمتلك حدّا أدنى من الشعور الوطني، هم بالفعل ضحايا “حزب الله”.

عمل الحزب منذ قيامه على أن تكون الضاحية نموذجا يريد تعميمه على كلّ لبنان. لو لم يكن الأمر كذلك، لماذا كان اعتراضه على مشروع “اليسار” في أيّام الرئيس رفيق الحريري؟

هل جريمة أن تدخل التنمية الضاحية وأن تتحوّل تلك المنطقة، التي هي في الأصل منطقة عيش مشترك بين جميع اللبنانيين، منطقة مزدهرة مرتبطة كلّيا ببيروت بدل أن تكون وكرا لكلّ ما هو مرتبط بالتخلّف بدءا بانتشار المخدرات وصولا إلى البناء العشوائي، حتّى لا نتحدث عن أمور أخرى في مقدّمها الدعارة؟

حصد “حزب الله” ما زرعه. الكلام الذي صدر عن مواطنين في الضاحية اعتقدوا أنّهم فوق القانون، كلام حقيقي. من جعل هؤلاء الناس يشعرون بأنّهم فوق القانون وأن يقيموا محلات في أماكن محظورة هو “حزب الله” الذي نشر ثقافة فائض القوّة وعمل على تعميمها.

لماذا لا يعتدي المواطن على القانون ما دام في حمى “حزب الله” الذي هو نفسه حالة تتناقض كلّيا مع وجود دولة لبنانية يعيش مواطنوها متساوين في ظلّ القانون والدستور؟

من رفض مشروع “اليسار” لم يرد يوما الخير للضاحية وأهل الضاحية. من عمل على إبقاء الجنوب أرضا غير مرحّبة بأهلها، لم يود يوما عودة ابن الجنوب إلى أرضه، بل يريد منه أن يكون في حال خوف دائمة من عدوان إسرائيلي جديد، على الرغم من وجود القرار 1701 ورغبة المجتمع الدولي في حماية لبنان بالفعل وليس بمجرّد الكلام.

هل من دليل على ذلك أكثر من وجود الجنود الدوليين في جنوب لبنان؟ مثل هذا الخوف من المستقبل يجعل ابن الجنوب يفضّل الضاحية على العيش في منطقة كان يمكن أن تكون من الأكثر ازدهارا في لبنان والشرق الأوسط كلّه.

لماذا حرمان ابن الجنوب من العودة إلى أرضه والعيش فيها بأمان؟ هل يبرر ذلك رغبة إيران في إبقاء جبهة الجنوب ورقة مساومة في اللعبة الإقليمية على حساب لبنان واللبنانيين؟

ما ينطبق على الجنوب، ينطبق على البقاع أيضا. يكفي ما فعله “حزب الله” بمدينة مثل بعلبك التي كان يمكن أن تكون قبلة السيّاح في العالم للتأكد من الرغبة في نشر البؤس حيث أمكن وتحويل المواطن في الضاحية والجنوب والبقاع أسير ثقافة معيّنة تجعله رهينة لدى الحزب لا أكثر.

كشف حادث حيّ السلّم الكثير. كشف أوّل ما كشف أنّ لا أفق للمشروع السياسي والعسكري ل“حزب الله”. كيف يمكن لمشروع قائم على ضرب مؤسسات الدولة اللبنانية والتضحية بشبّان لبنانيين من أجل أن ينتصر النظام السوري على الشعب السوري إرضاء لإيران أن يوفّر نافذة ما على المستقبل؟مرّة أخرى، يجد لبنان نفسه عند مفترق طرق. هناك بكلّ بساطة حرب يشنّها “حزب الله” على لبنان واللبنانيين. جاء ما حدث في الضاحية ليؤكّد أن هذه الحرب لا يمكن أن تنتهي بانتصار للحزب، أي بانتصار لإيران، على لبنان.

هناك لبنانيون ما زالوا يقاومون. من بين هؤلاء بعض أهالي الضاحية. شعر هذا البعض أخيرا أنه ضحية من ضحايا “حزب الله” ومشروعه الذي أدخل البلد في طريق مسدود، طريق ثقافة تقبيل حذاء الزعيم، المكملة لثقافة الموت والبؤس، والتي تختزل كلّ ما يريده “حزب الله” للبنان واللبنانيين ولمستقبل أولادهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.