فرض التقدم المتسارع لقوات الجيش الوطني اليمني بدعم من قوات التحالف العربي في كافة الجبهات وتصاعد الخسائر البشرية في صفوف ميليشيا الحوثيين، متغيرات في المعادلة العسكرية القائمة وهو ما دفع قيادة جماعة الحوثي إلى اللجوء مجدداً لخيار المسار السياسي في محاولة للقفز للأمام وتجنب تداعيات الحسم العسكري. وأكدت مصادر مقربة من قيادة الجماعة المتمردة ل«الخليج» أن خيار العودة للمسار السياسي لحل الأزمة اليمنية تحول بفعل المتغيرات المؤثرة في جبهات القتال إلى «طوق نجاة» بالنسبة لجماعة الحوثي في ظل الانكسارات المتعاقبة للميليشيا والتقدم المقابل لقوات الشرعية. ولفتت إلى أن المبادرة المكونة من ستة بنود التي قدمت عبر ما يسمي ب«اللجنة الثورية العليا» التابعة للجماعة استهدفت بصيغتها المقتضبة ومضمونها غير الموضوعي رسم انطباعات لدى الأطراف الدولية بأن جماعة الحوثي لا تزال تمتلك مقومات الصمود على الأرض ولديها القدرة على الصمود الميداني، بحسب ما تزعم. ويرى عبد الناصر العزي وهو قيادي منشق عن جماعة الحوثي بصعدة في تصريح ل«الخليج»: أن المتغيرات الميدانية التي فرضها تقدم الشرعية في كافة الجبهات وخاصة في صعدة المعقل الرئيسي للميليشيا الإيرانية والاقتراب من حدود العاصمة صنعاء مثلت سببا اضطراريا للجوء الجماعة إلى البحث عن مخرج سياسي ومحاولة تحريك مسار المفاوضات مع الحكومة الشرعية عبر تقديم مبادرة وطرحها على المبعوث الأممي الجديد، الذي سارعت قيادة الجماعة إلى إعلان ترحيبها بتعيينه. وأشار إلى أن الحوثيين لا يضمرون أي نوايا مبيتة للدفع بالحل السياسي وتقديم التنازلات والتخلي عن السلاح والانسحاب من المدن وهم يستخدمون ورقة المفاوضات مع الحكومة الشرعية للحصول على فرص للتهدئة في الجبهات وترتيب صفوفهم استعداداً للعودة مجدداً للقتال. من جهته، حذر الخبير العسكري اليمني العميد نصر الدين أحمد السراجي في تصريح ل«الخليج» من إتاحة الفرصة لميليشيا الحوثي لالتقاط الأنفاس وترتيب الصفوف، مشيرا إلى أن الحوثيين يسعون إلى استغلال تعيين مبعوث دولي جديد لليمن لإظهار استعدادهم المشاركة الجادة في مفاوضات سلام مع الحكومة الشرعية بهدف الوقف المؤقت للمواجهات في جبهات القتال وإبرام هدنة، يمكن من خلال سريانها إعادة ترتيب صفوف الميليشيا وإحداث تغيير في المعادلة العسكرية على الأرض.