فيما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، عن رغبته بالانسحاب العسكري من سوريا، يعود هذا الأسبوع ليفتح جبهة جديدة ضد نظام الأسد، وذلك بعد الهجمات الأمريكية التي استهدفت سوريا، في وقت متأخر من أمس الجمعة، مخاطراً بإثارة حرب انتقامية دولية بين الفرقاء السياسيين حول سوريا، وفق محللين. وتقول إدارة الرئيس دونالد ترامب، إنها "تهدف إلى تحذير الرئيس السوري، على خلفية استخدامه الأسلحة الكيماوية، والتي أسفرت عن مقتل مدنيين في مدينة دوما في الغوطة الشرقية، بريف دمشق، الأسبوع الماضي". غير أن محللين، حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، اليوم السبت، يقولون إن "الخطر يتمثل في أن تدخل الولاياتالمتحدة قد يؤدي إلى زيادة حدة التوتر والتصعيد في سوريا، مما يعني توريط الجيش الأمريكي بعمق أكبر في الصراع السوري، وهو ما كانت أمريكا تحاول تجنبه". ومن جهته، يقول الجنرال المتقاعد بالجيش الأمريكي اللفتنانت جيمس دوبيك: "بالنظر إلى الصلة بين روسياوإيران والأسد، فإن هجوماً قد نعتبره محدوداً ودقيقاً قد يساء فهمه من جانب واحد أو أكثر من تلك الأحزاب الثلاثة، ويبرر من وجهة نظرهم ضربة انتقامية.. وماذا نفعل بعد ذلك؟". وحسب الصحيفة "تشمل السيناريوهات المحتملة للانتقام هجمات الميليشيات المدعومة من إيران ضد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، وتصعيد الهجمات ضد القوات الأمريكية وحلفائها داخل سوريا أو الهجمات الإلكترونية خارج مسرح الأحداث نفسه". ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الضربة الأمريكية ستمنع قوات الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية في المستقبل، حيث يسعى الرئيس السوري إلى توسيع نطاق سيطرته في البلاد، مع تعزيز المكاسب في الحرب. ويرى روبرت فورد، وهو سفير أمريكي سابق في سوريا، وزميل في معهد الشرق الأوسط وجامعة ييل، أن "العمل العسكري من شأنه أن يردع قوات الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية، فقط إذا وجهت الولاياتالمتحدة ضربات متكررة عندما تحدث فظائع جديدة". ويقول البعض ممن يؤيدون الضربة الأمريكية إنه "حتى إذا فشلت الولاياتالمتحدة في منع الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية في المستقبل، فإنهم سيرسلون رسالة مفادها أن المجتمع الدولي يراقب وينوي فرض الحظر على الأسلحة الكيماوية، والذي طالبت به الدول الغربية بعد الحرب العالمية الأولى". ولكن التدخل العسكري يأتي في الوقت الذي تخلت فيه واشنطن عن السعي إلى إزالة الأسد، خلال أكثر من سبع سنوات من الحرب في سوريا.. يريد ترامب من البنتاغون أن يسحب القوات الأمريكية بعد أن تقضي القوات الكردية التي تقودها وتدعمها واشنطن في سوريا بقايا تنظيم داعش، وفق الصحيفة. ورحيل القوات الأمريكية، كما يقول الاستراتيجيون العسكريون، ربما يمهد الطريق لتوطيد سيطرة الأسد في البلاد، بدعم من روسياوإيران وميليشيا حزب الله الإرهابية. والنتيجة هي ما وصفه وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، في شهادته أمام الكونغرس الخميس، بأنها "دوافع معاكسة". فمن جهة، يريد ترامب من الولاياتالمتحدة ألا يكون لها أي علاقة بسوريا. ومن جهة أخرى، يريد أن يملي قواعد السلوك على ساحة المعركة في سوريا، التي تزعجه عندما تنتهك.