استأثرت الحرب السورية باهتمام العالم أجمع نتيجة مشاركة قوى دولية فيها. وشكل الصراع أداة طورت من خلالها إيرانوتركيا، ودول أخرى في المنطقة، سياساتها، وأنتجت دول نماذج جديدة، وغذت ميليشيات محلية، وقوات شريكة. وفي كل مرحلة من النزاع كانت المنطقة والمجتمع الدولي بكامله ينشغلون بتطوراته. وبدا ذلك جلياً في بداية مارس( آذار) الماضي، وفي نوفمبر( تشرين الثاني) 2017، عندما التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني في أنقره وفي سوتشي. ضربات إسرائيل المتتالية ضد سوريا كانت تستهدف قواعد إيرانية ومنع محاولات نقل أسلحة إلى حزب الله عبر دمشق وكتب سيث فرانتزمان في مجلة "ناشونال إنترست" أنه يفترض النظر إلى الصراع من خلال سلسلة من "الأعمال" أو المراحل. فقد خرجت الانتفاضة السورية من خلال الربيع العربي، وبدأت في عام 2011. وبحلول 2012، حمل المعارضون للنظام السوري أسلحة ودعمتهم دول من المنطقة. وكانوا في معظمهم من السنة العرب المعارضين لحكم الأقلية العلوية. ودخل حزب الله إلى سوريا لدعم النظام السوري، وبدأت الولاياتالمتحدة ودول أخرى، مثل تركيا تقديم دعمها للمتمردين. وبحلول عام 2014، اتخذت الانتفاضة السورية صبغة إسلامية مما ولد فراغاً في السلطة في سوريا استغله داعش ، وجعل من مناطق سورية استولى عليها نقطة انطلاق لمهاجمة العراق. وتشكل التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة لمحاربة التنظيم، ونشر بعض الدول جنوداً في شرق سوريا تتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية( قسد)، قوة بقيادة كردية. تدخل قوى جديدة ويلفت فرانتزمان إلى رفع الروس مستوى تدخلهم في سوريا بدءاً من عام 2015، ومنذ عام 2016 بدأ الأتراك في العمل ضمن مساحة واسعة في شمال غرب سوريا. وقد استخدمت إيران الحرب السورية كنقطة انطلاق لتوسيع نفوذها في المنطقة. وكانت إيران حليفة لدمشق، وبعد خسارة النظام السوري بعض المناطق لصالح قوات معارضة، توسع دور ميلشيات مدعومة إيرانياً في سوريا. ولذا ورد في تقرير صدر في فبراير( شباط) 2018 عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، أن ضربات إسرائيل المتتالية ضد سوريا كانت تستهدف قواعد إيرانية ومنع محاولات نقل أسلحة إلى حزب الله عبر دمشق. تحد كبير ويقول كاتب المقال إن الحرب في سوريا مثلت تحدياً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة. إذ فيما تعثرت واشنطن في استنباط سياسة قوية في مواجهة دمشق، قادت الحملة ضد داعش لتوسيع المهمة العسكرية. وفي حينه لم تنتقل الولاياتالمتحدة نحو شرق سوريا وحسب، بل بدأت في إنشاء قواعد وتدريب قوات كردية بدت على وشك إنشاء كانتون في شرق سوريا تحت مظلة القوة الجوية الأمريكية كما فعل الأكراد في العراق في التسعينيات. غضب تركي لكن تلك السياسة الأمريكية في دعم أكراد سوريا أغضبت تركيا، حليفة أمريكا في الناتو، والتي أصبحت حريصة على حراسة ومراقبة ثلاث مناطق في شمال سوريا؛ معبر جرابلس وعفرين وأجزاء من إدلب. إلى ذلك، يلفت الكاتب لنظرة روسيا للحرب السورية كأولوية لتثبيت مصداقيتها في الشرق الأوسط، وبوصفها لاعباً دولياً، قائلاً إن بوتين نجح في خداع واشنطن عبر استضافة محادثات خاصة بسوريا في أستانة، ومن ثم في سوشي في غياب أمريكا ويخلص كاتب المقال إلى أن الضربات الجوية التي تمت في منتصف شهر إبريل( نيسان) تظهر أن الحرب السورية أصبحت حرباً دولية، ومن ينتصر في سوريا سوف يقرر مستقبل المنطقة.