مر خمسة عشر عاما على أول ظهور للمهرجان الموسيقي "روك ان ريو" أو "موسيقي الروك في ريو دي جانيرو"، وفي 2010 دخلت البرازيل حلبة المهرجانات العالمية بكل حماس، وذلك بتقديم عروض لأهم نجوم ونجمات موسيقى البوب العالمية ، حيث بدأت سلسلة عروض 2010 مع مطلع كانون الثاني/ يناير إضافة إلى بيونسي ومادونا تقرر إقامة عروض لجميع أنواع وأذواق الموسيقى على مدار العام وذلك بحفلات موسيقية لفرق كرانبيريز و ميتاليكا ثم جاء الدور في شهر شباط/ فبراير على حفل النجمة الأمريكية "بيونسي" - و في حالة استكمال العروض دون تعطيل أو تأجيل أو الغاء في آخر لحظة - فمن المتوقع أن تختتم السلسلة في الحادي والثلاثين من كانون أول/ ديسمبر، بعرض لملكة البوب مادونا في شاطئ كوباكابانا، الذي يعد مركز احتفالات نهاية العام في مدينة ريو دي جانيرو . بالإضافة إلى بيونسي ومادونا، تقرر إقامة عروض لجميع أنواع وأذواق الموسيقى على مدار العام، بداية من موسيقى البوب إلى موسيقى الهارد روك. وتتضمن هذه العروض والحفلات الكثير من الفرق .. من بينها على سبيل المثال لا الحصر: يو تو “U 2" و جنز أند روزيس و كولدبلاي و جرين داي و فرانز فيرديناند و آ-ها أ و آخرين غيرهم. يذكر أن البلاد ستستقبل في الفترة من كانون ثان/ يناير إلى حزيران/ يونيو ما يقرب من 15 فنانا عالميا، مما جعلنا نرى مؤخرا تعليقا في مجلة "بيجا" الأسبوعية يقول: "أن متابعة مجموعة الفنانين العالمين الذين سيحضرون إلى البرازيل لتقديم عروضهم أصعب من شراء أحدث طرازات الكمبيوتر ! ويمثل الارتفاع الحاد للعملة البرازيلية أمام الدولار نوعا من الصداع والقلق للمصدرين.. وأيضا مجال شكوى للسيد "جيدو مانتيجا"، وزير المالية البرازيلي الذي يفضل إبرام الاتفاقيات المالية لجذب النجمات الكبار لهذا البلد الجنوب أمريكي. وعلى الرغم من ذلك فقد أكد منتج الموسيقى الانجليزي الشهير روبرت أليس، في حديث نشر له مؤخرا مع مجلة "فيجا" الأسبوعية: " ليس فقط العامل الاقتصادي هو ما يجذب النجوم الكبار للمجئ إلى البرازيل، إنما عامل الجذب الأكبر هو حماس الجمهور. وقد رأينا أنماطا متعددة من الجماهير لكن ما يدهشك بل ويذهلك في البرازيل هو المثابرة والعمل على الاهتمام بالموسيقى التي نبدعها". أما بالنسبة للبرازيليين، فالدخول إلى الحلبة العالمية للعروض الكبيرة يعد ظاهرة حديثة نسبيا .. فقد طال انتظارهم طوال عقدين من الزمان حتى يروا وجها لوجه وعلى الطبيعة عيون فرانك سيناترا الزرقاء بعد أن ظهرت عليه علامات الزمن! فلم يقدم هذا الفنان العملاق أية عروض في مدينة ريو دي جانيرو إلا عام 19والنفي".كان سيناترا في الخامسة والستين من عمره. ومع نهاية واحد وعشرين عاما من الديكتاتورية العسكرية ورحيل فترة "النبذ والنفي" .. بدأ نسيم رياح الديمقراطية يهب على البرازيل عندما أعلن رجل الأعمال "روبرتو ميدينا" مشروعا طموحا لإقامة مهرجان موسيقي ضخم أطلق عليه "روك ان ريو" أو "موسيقي الروك في ريو دي جانيرو". هذا المهرجان الضخم الملقب ب (الوودستوك البرازيلي ) حقق نجاحا باهرا عن طريق استخدام أحدث معدات الضوء وأجهزة الصوت، وعن طريق حشد من الجمهور المتحمس وبالنجوم الذين ظهروا على خشبة المسرح أمثال: جيمس تايلور وأوزي أوزبورن إلى جانب بعض الفرق الناجحة مثل: كوين و أي سي/دي سي و يس . وسبق أن أقيمت الدورة الثانية للمهرجان عام 1991، وجذبت بدورها عددا كبيرا من الجمهور، وصل إلى ما يقرب من مليون شخص.. تابعوا فنانين كبار مثل فريق جنز أند روزيس و جورج مايكل و برنس. لكن بعد الدورة الثالثة التي أقيمت عام 2001 اضطر السيد ميدينا إلى ترك المشروع مؤقتا نظرا لتسجيل عدد كبير من حوادث العنف. ثم بعد ذلك انتقل المهرجان إلى لشبونة ومدريد، حيث أقيمت بعض الدورات.. وعلى الرغم من ذلك فمن المنتظر أن يعود "روك ان ريو" ليقام في مدينة "ريو دي جانيرو" عام 2011 وفي مدينة "ساو باولو" عام 2012. وبعد النجاح الذي حققته هذه المحاولة والمبادرة الرائدة، استقبل هذا البلد الجنوب أمريكي فعليا كافة أعلام الغناء العالمي، من بينهم "ملكا موسيقى البوب".. مايكل جاكسون Micheal Jackson ومادونا Madonna عندما قدما عرضهما عام 1993. وبعد ذلك بعامين قدم ال(الرولنج ستونز ) عرضهم الأول، ثم عادوا ليقدموا عرضا جديد عام 1996 ثم عرضا آخر عام 2006؛ حيث كان هذا الاخير بمثابة مشهد تاريخي على شاطئ كوباكابانا، وذلك لحضور ما يقرب من مليون ونصف المليون من المتفرجين، الأمر الذي يجعله من بين أضخم أعداد الجماهير في تاريخ الحفلات الغنائية في العالم ! وبالنسبة لمدينة كبرى مثل ريو دي جانيرو، والتي تتخذ من السياحة مصدرا هاما للعملة الصعبة.. تعتبر إقامة حفلات لكبار النجوم والنجمات فرصة فريدة لجذب الزائرين في فترات الركود السياحي، وخاصة بعد تضرر صورة المدينة عالميا من ارتفاع معدلات العنف في الآونة الأخيرة. وسجل عرض ال"رولنج ستونز" المقام في كوباكابانا في هذا السياق بصمة تاريخية لها تأثيراتها التي استمرت فيما بعد، وتوغلت و تغلغلت في القالب الموسيقي. فالتطور الاحتفالي والسلمي لعرض "عمالقة موسيقى الروك" كان واحدا من العناصر التي استخدمتها لجنة الترشيح البرازيلية لإزالة مخاوف أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية، والذين صوتوا لإعطاء مدينة ريو دي جانيرو شرف أن تكون أول مدينة في أمريكا الجنوبية تستضيف الألعاب الأوليمبية في عام 2016