لم تُعرف بعض الأسباب المؤدية للإصابة بمرض التوحّد الذي يعتبر أكثر أمراض الاعاقات انتشاراً في العالم، وفي السعودية وحدها تقدر بعض الإحصائيات بوجود نحو 200 ألف حالة، ويخشى خبراء أن تزداد الأعداد في المستقبل القريب. ويُعرف التوحد بأنه نوع من الإعاقات التطورية، سببها خلل وظيفي مجهول في الجهاز العصبي المركزي (المخ)، يتميز في توقف أو قصور في نمو الإدراك الحسي واللغوي وبالتالي القدرة على التواصل والتخاطب والتعلم والتفاعل الاجتماعي. ويصاحب هذه الأعراض نزعة انطوائية تعزل الطفل الذي يعاني منها عن وسطه المحيط، بحيث يعيش منغلقاً على نفسه ولا يكاد يحس بما حوله وما يحيط به من أفراد أو أحداث أو ظواهر. ويصاحبه أيضاً اندماج في حركات نمطية أو ثورات غضب كرد فعل لأي تغير في الروتين. ويمكن أن يحدث التوحّد في مرحلة النمو بدءاً من تكوين الجنين في رحم الأم، وتبدأ ملامح ظهوره في الأشهر ال30 الأولى من عمر الطفل، ويصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة 4/1. ويعتبر التوحد من أكثر الإعاقات العقلية صعوبة وشدة من حيث تأثيرها في سلوك الفرد الذي يعاني منها وقابليته للتعلم أو التطبيع مع المجتمع أو التدريب أو الإعداد المهني أو تحقيق درجة ولو بسيطة من الاستقلال الاجتماعي والاقتصادي والقدرة على حماية الذات إلا بدرجة محدودة وبالنسبة لعدد محدود من الأطفال. وتتعلق الصعوبات الأخرى بالتشخيص والتدخل لتعديل السلوك أو التأهيل الاجتماعي والمهني، وربما ما زاد من صعوبة هذه المهمة أنه حتى الآن لم يصل المهتمون إلى اتفاق عام على العوامل المسببة لهذا النوع من الإعاقة، هل هي وراثية جينية أو بيئية اجتماعية أو بيوكيميائية أو هي نتيجة العاملين، أو هي ليست هذا أو ذاك ولكنها نتيجة لعوامل مسببة أخرى مازلنا نجهلها تماماً. وربما يُضاف إلى هذه الصعوبات أن إعاقة التوحد إعاقة دائمة وتطورية. وأكثر من 70% من حالات التوحد يصاحبها تخلف عقلي، وعملية التأهيل والتربية والرعاية تكاد تكون دائمة ومدى الحياة، وأن توقف كل محاور النمو (الإداركي - الحسي - الاجتماعي اللغوي) تؤدي إلى كل ذلك. والطفل التوحدي بحاجة إلى عدة اختصاصات للرعاية منها (اخصائي نفسي - اخصائي اجتماعي - اخصائي نطق) طبيب (أعصاب- وراثة - أنف وأذن وحنجرة - عظام)، تعليم منظم (كوادر مؤهلة ومدارس مجهزة).