كشفت المحامية اليمنية شذى ناصر، التي سبق لها المرافعة في عدة قضايا دفاعاً عن قاصرات أرغمن على الزواج من رجال أكبر منهن بسنوات عديدة باليمن، أن مجموعة كبيرة من الناشطين قرروا عقد اجتماع الأسبوع المقبل لتوجيه رسالة إلى الرئيس علي عبدالله صالح والبرلمان، للمطالبة بإقرار قانون الحد الأدنى لسن الزواج. وقالت ناصر، في حديث لCNN بالعربية، إن ذلك يأتي على خلفية وفاة الطفلة إلهام مهدي العسي، 12 عاماً، جراء نزيف حاد إثر اتصال جنسي بعد ثلاثة أيام من تزويجها لرجل يبلغ من العمر ضعف سنها، ولوحت بتحريك دعوى "حسبة" ضد والد الطفلة وزوجها والقاضي المسؤول عن عقد القران، وإن أشارت إلى وجود قوى متشددة تعارض ذلك. وقالت ناصر، التي عرفت عالمياً بعدما تولت الدفاع عن الطفلة "نجود"، وحصلت لها على حكم بالطلاق، ومن ثم بسبب دورها المماثل في قضيتي "أروى" و"ريم"، إن ما تعرضت له إلهام العسي يمثل أول حالة وفاة تسجل رسمياً منذ فترة طويلة، غير أنها أبدت ثقتها بوجود حالات وفاة مماثلة لم يتم الإعلان عنها أو تسجيلها رسمياً من قبل الحكومة أو العائلات. وأضافت ناصر: "جرى في السابق إدخال الكثير من الفتيات الصغيرات إلى المستشفى بسبب ممارسة أزواجهن للجنس معهن، ولكنهن خرجن في وقت لاحق." وعن ردود الفعل التي تركها الحادث على الصعيدين السياسي والاجتماعي باليمن، قالت ناصر: "المجتمع منقسم حالياً، فهناك غالبية تتمثل بجمعيات حقوق الإنسان والناشطين الاجتماعيين والقانونيين ومجموعة من الأحزاب التي تنظر إلى القضية على أنها مأساة، ويجب التعامل مع ضحيتها إلهام على أنها إحدى ضحايا الزواج المبكر." وتابعت: "ولكن هناك أقلية يقودها التيار الإسلامي، تنظر إلى هذه الحادثة على أنها 'قضاء وقدر'، ويعبر عن هذا التيار حالياً مجموعة من طالبات جامعة الإيمان الإسلامية (التابعة للشيخ عبد المجيد الزنداني) اللواتي قمن قبل أسبوعين بمظاهرة أعربوا فيها عن رفضهن لوضع قانون يضع حداً أدنى لسن الزواج." ولفتت المحامية اليمنية إلى أن هذه المجموعة رفضت اعتبار حادث وفاة إلهام هو نتيجة زواج الأطفال والقاصرات، وقالت إن أفرادها أشاروا إلى إن والدة إلهام تزوجت بدورها عندما كانت تبلغ من العمر 12 سنة، دون أن تتعرض لأي ضرر. وعن خطط التحرك المقبلة قالت المحامية اليمنية: "من المقرر أن يحصل الأسبوع المقبل اجتماع لعدد كبير من الناشطين من أحزاب وجمعيات، وسنقوم خلاله بتوجيه رسالة إلى الرئيس علي عبدالله صالح، وإلى البرلمان، نطالب فيها بضرورة إقرار قانون الحد الأدنى الجديد لسن الزواج، وإضافة عقوبة للزوج والأب في حالة المخالفة." وحول إمكانية محاسبة أطراف القضية في المحاكم، قالت ناصر: "سنتحرك لرفع دعوى حسبة ضد الزوج والأب والقاضي الذي صادق عقد زواج إلهام، وذلك على أساس أن الزواج خالف النص القانوني المطبق حالياً، والذي يحدد السن الأدنى للزواج عند 15 عاماً"، علماً أن هذا القانون فيه ثغرات كبيرة تسمح بتزويج من هن دون هذه السن. وتابعت: "أما بالنسبة للأب، فسنطالب بمعاقبته بتهمة تسليم طفلته إلى رجل وهي غير ناضجة أو مستعدة لعلاقة زوجية، كما سنلاحق الزوج بتهمة إيقاع عنف جنسي بإلهام أدى لوفاتها." وكانت سيغرد كاغ، المديرة الإقليمية لمكتب اليونيسف بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد أصدرت بياناً حول القضية الخميس، عبرت فيه عن "صدمتها لوفاة طفلة عروس أخرى في اليمن." وقالت كاغ إن وفاة إلهام، "هو تذكير مؤلم للمخاطر التي تواجهها الفتيات عندما يتم تزويجهن في سن صغيرة"، وأضافت: "الزواج المبكر يعرض الفتيات لخطر الانقطاع عن التعليم، ويجعلهنّ أكثر عرضة للعنف والإساءة والاستغلال، كما قد يؤدّي بحياتهنّ لأسباب تتعلق بالحمل والوضع وغيرها من التعقيدات." ولفتت المسؤولة الدولية إلى أن واحدة من كل ثلاث فتيات في اليمن تتزوج قبل بلوغها سنّ الثامنة عشرة، مضيفة أن ذلك يخالف الإعلان الدولي لحقوق الإنسان الذي لا يقر بتوفر الرضا وعدم الإكراه في عقود الزواج، إذا كان أحد الطرفين صغير السن. وكانت اللجنة الوطنية للمرأة في اليمن قد أوقفت في الثاني من مارس/ آذار الماضي زواج طفلة يمنية عمرها 12 عاماً على رجل خمسيني، بإحدى مديريات محافظة حجة، شمال غربي صنعاء. وقالت رشيدة الهمداني، رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة، إن لجنتها قامت بإبلاغ محافظ حجة، الذي سارع إلى إصدار توجيهاته بوقف الزواج.