تستعر حرب الحكومة التركية على كبار الشرطة الذين اتخذوا قرارات باعتقال المتورطين في قضية الفساد، وتستمر بحملة التسريح الغير مسبوقة في البلاد لوأد الفضيحة قبل أن تودي بمنصب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. قامت الحكومة التركية، الثلاثاء، بحملة تسريح جديدة غير مسبوقة في محاولة لإحكام قبضتها مجددا على الشرطة المتهمة بأنها في أيدي «دولة ضمن الدولة» وذلك على خلفية فضيحة الفساد السياسية المالية التي تهز البلاد. كما تم نقل بعض عناصر الشرطة إلى إدارات المرور مما يقوض بشكل أكبر تحقيقا في الفساد يصفه رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، بأنه محاولة مستترة من خصومه لاغتصاب سلطة الدولة. وبعد ثلاثة أسابيع على حملة مداهمة ضد متهمين بالفساد كانت وراء الفضيحة التي تهز أعلى هرم الدولة التركية حاليا، وقع وزير الداخلية الجديد، افكان علاء، مرسوما يقيل بموجبه 350 شرطيا في أنقرة من مهامهم. وعلى هذه اللائحة أكثر من 80 ضابطا كبيرا في شرطة العاصمة وبينهم قادة أجهزة مسؤولة عن مكافحة الجرائم المالية وجرائم القرصنة المعلوماتية والجريمة المنظمة في أنقرة، كما أوردت وكالة دوغان للأنباء. وهذه الدفعة الجديدة تضاف إلى عشرات أو حتى مئات من عناصر الشرطة الذين عاقبتهم الحكومة منذ خروج هذه القضية إلى العلن. ومنذ انفجرت فضيحة الفساد هذه في 17 نوفمبر إثر حملة توقيفات، اتخذت الحكومة إجراءات عقابية بحق العشرات من كبار المسؤولين في الشرطة في سائر أنحاء البلاد، بينهم على سبيل المثال قائد شرطة إسطنبول الذي اتهمته بأنه لم يطلعها على سير التحقيق القضائي في هذه القضية التي تهددها. وقد دخل رئيس الوزراء الإسلامي-المحافظ في منازلة مع السلطة القضائية ولاسيما مع تعيين العديد من القضاة المحسوبين عليه وذلك في محاولة منه لوأد الفضيحة. ومنذ ثلاثة أسابيع يوجه أردوغان اتهامات مبطنة إلى جمعية الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا (الولاياتالمتحدة) منذ 1999 بالوقوف خلف «المؤامرة» التي دبرت لحكومته قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات البلدية ولا يؤيد هذا الرجل أي حزب سياسي ولكنه يحظى بتأثير واسع في صفوف الشرطة والهيئة القضائية. وفي كل خطاباته اتهم رئيس الحكومة التركية جمعية غولن بإقامة «دولة ضمن الدولة» مع تلقي دعم من الخارج وبأنها دبرت «محاولة اغتيال» ضده وضد حكومته وكل البلاد قبل بدء الانتخابات البلدية. وبعدما كان لوقت طويل حليفا لحزب العدالة والتنمية الحاكم أعلنت جمعية غولن، التي تتمتع بنفوذ كبير في أوساط الشرطة والقضاء، الحرب على الحكومة بسبب عزم الأخيرة إغلاق مدارس خاصة تديرها الجمعية وتدر لها أموالا طائلة. وحزب العدالة والتنمية الحاكم وجمعية غولن اللذان يستندان إلى قاعدة محافظة ودينية، لطالما كانا حلفاء من أجل فرض مواقعهما في الدولة التركية. لكن في الخريف قطعت حركة غولن علاقتها بالحكومة بشكل نهائي على خلفية قضية إغلاق المدارس. واستمر صراع القوة الذي بدأ قبل ثلاثة أسابيع بين السلطة والقضاء، الثلاثاء، مع اجتماع في أنقرة للمجلس الأعلى للقضاة والمدعين. المجلس الأعلى يبحث اعتراضا، اتهمت فيه الشرطة القضائية بعدم تنفيذ مذكرات جلب 30 شخصية قريبة من السلطة وهذه الهيئة التي ندّدت في السابق علنا «بالضغوطات» على القضاء، ستبحث اعتراضا قدمه مدع من إسطنبول، اتهم الشرطة القضائية بعدم تنفيذ مذكرات جلب بحق حوالي 30 شخصية قريبة من السلطة. وميدانيا، أمر المدعون المكلفون بشؤون مكافحة الفساد، الثلاثاء، بحملة مداهمة في خمس مدن في البلاد وأوقفوا 25 شخصا في شق آخر من التحقيق الذي أطلق في 17 ديسمبر. ويشتبه في ضلوع هؤلاء الأشخاص بالفساد والتزوير على هامش استدراجات عروض طرحتها شركة السكك الحديد العامة، بحسب ما أوردت وسائل إعلام. وأسفرت التحقيقات القضائية الجارية في فضيحة الفساد حتى أمس عن اعتقال حوالي 20 رجل أعمال وسياسي مقربين من السلطة، إضافة إلى استقالة ثلاثة وزراء وإجراء تعديل وزاري. في الوقت نفسه ذكرت شبكة (سي.ان.ان) الناطقة بالتركية أن الإدعاء وسع تحقيقاته مع اعتقال ما لا يقل عن 15 شخصا آخر من بينهم مسؤولون عموميون في إطار تحقيق في أنشطة ميناء في إقليم أزمير المطل على بحر ايجه. وبعد ستة أشهر على موجة التظاهرات الشعبية التي هزت السلطة في تركيا، تهدد هذه الحرب المفتوحة مستقبل أردوغان الذي يفكر جديا في الترشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة في أغسطس 2014.