أبى رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، علي زيدان، إلاّ أن يعيد الصفعة إلى جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بعد فشلها في إسقاط حكومته. ورغم أنّه معروف بمغازلته لهم فإنّ زيدان لم يكتف بالإعلان عن إجراء تعديل وزاري، بل شكّك أيضا في صحّة التوقيعات التي جمعها الإخوان في البرلمان من أجل خلعه. جدّد رئيس الحكومة الليبية علي زيدان، أمس الأربعاء، رفضه استقالة حكومته ما لم يتوافق البرلمان على شخصية بديلة، “حتى لا تقع الدولة في فراغ سياسي”. وشكّك زيدان، في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة طرابلس، في صحّة عدد النواب الذين طالبوا، في بيان أمس، بسحب الثقة عن حكومته، كاشفاً أنّ نوّابا وردت أسماؤهم في ذلك البيان اتصلوا به وأكدوا له عدم توقيعهم على البيان المذكور. كما أعلن بأنه سيقوم بإجراء تعديل وزاري خلال اليومين المقبلين، مشيرا إلى أنه من بين الوزارات التي سيشملها التغيير، وزارات الخارجية والحكم المحلي والمواصلات والمياه والعمل. وفي هذا السياق، أشار رئيس الحكومة الليبيّة إلى أنّ وزير الخارجية محمد عبدالعزيز، قدّم استقالته منذ 6 أشهر بسبب ظروفه الخاصة. في هذا المضمار، قال خالد المشري عضو البرلمان الليبي والقيادي في “حزب العدالة والبناء”، في تصريح صحفي، إن وزير الخارجية محمد عبد العزيز، قدّم استقالته من حكومة زيدان، وإن ضغوطاً مورست عليه لعدم الإعلان عنها في الوقت الحاضر. والجدير بالذكر أنّ 99 عضوا في المؤتمر الوطني العام (البرلمان الليبي) يقودهم إخوان ليبيا، أعلنوا في بيان أمس الأوّل، أنّهم يعتبرون حكومة علي زيدان “ساقطة سياسيا”، غير أنّهم فشلوا في تأمين ال120 صوتا اللازمة لحجب الثقة عن الحكومة، من أصل 200 نائب يتكّون منهم البرلمان الليبي. وكان “حزب العدالة والبناء”، الذراع السياسي للإخوان المسلمين في ليبيا، قد تزعّم حملة إسقاط زيدان وحكومته، لكنّ فشله في ذلك دفعه أمس الأوّل الثلاثاء إلى إعلان سحب وزرائه الخمسة من الحكومة بهدف المضيّ في تصعيد الصعوبات التي تواجهها. من جانبه، علّل رئيس دائرة اللجان المختصة ب”حزب العدالة والبناء” محمد الحريزي، أمس الأربعاء، دواعي سحب الحزب وزرائه من الحكومة بفشل رئيس الحكومة علي زيدان في إدارة شؤون البلاد ومعالجة الأوضاع الأمنية الراهن. وقال الحريزي، في بيان للغرض، إن فشل المؤتمر الوطني العام في التوافق على سحب الثقة عن زيدان هو سبب آخر لانسحابهم من الحكومة، مُحملا الحكومة والأطراف الداعمة لها مسؤولية عدم السيطرة على الأوضاع الحالية في الجنوب وأساسا في مدينة سبها وعدد من المدن الليبية الأخرى. يُذكر أنّ “حزب العدالة والبناء”، الذي يتزّعم المطالبة بإسقاط الحكومة، يحظى بخمس وزارات في حكومة علي زيدان، بعد استقالة نائب رئيس الوزراء السابق عوض البرعصي. والوزارات التي يتولاها الحزب في حكومة زيدان هي: النفط والغاز، والشباب والرياضة، والإسكان والمرافق، والاقتصاد، والكهرباء. وبذلك فإنّ الحزب الإخواني لم يجد أمام فشله سوى تحميل “الطرف الداعم للحكومة المسؤوليّة الكاملة”، وهو يعني النوّاب الذين لم يصوّتوا لصالح حجب الثقة من حكومة زيدان. وأعلن النائب الإخواني خالد المشري أن حزبه سيدخل في مفاوضات جديدة مع حزب التحالف للملمة الملفات العالقة من أجل الوصول إلى توافق حولها، قائلا إنه “علينا التراجع خطوة أو خطوتين إلى الوراء والتنازل المتبادل للدفع بالبلاد إلى برّ الآمان”. وأوضح أن من بين الملفات العالقة، إعادة النظر في تعديل قانون العزل السياسي الذي أقصى مسؤولين كبار في النظام السياسي بمن فيهم قيادات انشقوا عن نظام العقيد الراحل معمّر القذافي في وقت مبكر، وانضموا إلى ثورة 17 فبراير. ويعتبر “حزب العدالة والبناء” والنواب الذين يدعمونه في مسعى حجب الثقة عن حكومة زيدان، أن الحكومة فشلت في حل المشاكل الأمنية، وفي دمج الثوار في العملية العسكرية والسياسية، وفي فتح المواني النفطية المقفلة من قبل مجموعة مسلّحة منذ أكثر من 5 أشهر، وفي القضاء على المركزية. والجدير بالذكر أنّ ليبيا تعيش، منذ سقوط نظام رئيس النظام السابق معمر القذافي عام 2011، أوضاعا أمنية متدهورة وتصاعداً في أعمال العنف، بسبب انتشار السلاح وتشكيل ميليشيات تتمتع بالقوّة ولا تخضع لأوامر سلطة الحكومة الوليدة. وكانت عدة محافظات ليبية قد سقطت خلال الأيّام الأخيرة، تحت سيطرة أنصار القذافي والقبائل الموالية له، وهو ما دفع حكومة زيدان إلى إعلان حالة “النفير العام”، ولاسيّما بعد التصدع الذي شهدته من جرّاء سحب جماعة الإخوان وزرائها الخمسة من التشكيل الحكومي. وإزاء تزايد وطأة أنصار القذافي ونفوذهم، دعا رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبوسهمين الدول الصديقة والشقيقة أن تمنع “أعوان النظام السابق ورموزه وأنصاره في كل مكان من العبث بأمن واستقرار ليبيا”. وقال بوسهمين، في كلمة وجهها إلى الشعب الليبي أمس الأوّل، إنه “على الدول الصديقة والشقيقة أن تقدر هذا الشعب، وأن تفكر في هذا الموضوع جديا، بحيث تمنع مثل أولئك العابثين، الذين يحاولون العبث ودمار هذا البلد ومس أمنه واستقراره”. كما أعرب عن تمنياته من هذه الدول أن تدرس هذا الموضوع باستعجال، وتمنع أولئك المجرمين من التخطيط للعبث بأمن واستقرار الوطن والمواطنين، مؤكدا أن “الثوار الأشاوس مستعدون وفي حالة نفير واستنفار تام للحظة الحسم والحيلولة دون من يخطط أو يحاول المس بمبادئ ثورة 17 فبراير”.