هنالك من يُفترض أن يُعزلوا سياسياً على الأقل؛ لأنهم جزء أصيل من الأسباب التي صنعت مشاكل وقضايا هذه البلد، ولا يُعقل أن يقرّروا مستقبلها بحسب حساباتهم كنافذين لمصالحهم الذاتية، أو كأدوات لمشاريع خارجية عبر تحاصص وتقاسم واستئثار فوائد المشكلات والقضايا التي أسهموا في صناعتها أصلاً. إن استمرار وجود هؤلاء يمثّل الخسارة المثلى لليمن ولليمنيين الحالمين بوطن حقيقي عبر دولة مدنية خلاقة وعادلة ومواطنة متساوية نموذجية ومبدعة.
والحاصل هو أن السياسة في اليمن تقع بين ضفتي الارتجال والارتهان؛ الارتهان لمراكز القوى التقليدية، والارتجال العشوائي الذي لا يحترم المستقبل.
على أن التخلُّف هو ما يسري بين ضفتي هذه السياسة؛ ذلك التخلُّف الذي لا يؤدّي إلى مستقبل واعدٍ، ويجعلنا بلداً غريباً عن العالم والمحيط.
ولقد استمرت السُلط المتعاقبة منذ 1962 بإيقاع سريان سياستها الأكثر من نشازٍ؛ فيما كانت مجرد سياسة فاسدة تشوّش الرؤية على الأجيال الجديدة؛ كذلك ينبغي العمل من أجل تحقيق ثورة في مفاهيم مقاومة سياسة الركود المتّبعة هذه، وإعلان الرفض الصريح لرتابة إيقاعها.
وإذ نحتاج إلى إيقاع سياسي يجعلنا نرقص مع الأحلام حقيقةً لا وهماً؛ فإننا نحتاج إلى سياسة بضمير جريء؛ ذلك أن سياسة الإيقاع المنحط المسكون ببلاهة اللامبالاة؛ تنتج – دائماً – بلداً مكلّلاً بالإحباطات وغير صالح للاستهلاك الآدمي. [email protected]