محمد الأول: شاهدت قبل أيام فيلما وثائقيا عن الاختطافات في اليمن. وفرحت كثيرا عندما شاهدت الزميل الصحفي محمد عبده العبسي وهو يقدمه بأناقة ولغة سلسة وعميقة، ومن دون أن أطالع تترات البداية والنهاية، عرفت أن وراء هذا العمل الجميل –رغم شحة إمكاناته– قلب الفتى "محمد" وعرضته قناة آزال. اللغة التي تحدث فيها الفيلم، لغة صحفي محترف. وطريقة الطرح واختيار مقاطع الأغنيات ومداخلات الشخوص المتحدثين في الفيلم والكم الهائل من المعلومات التي استعرضها الفيلم، بدت لكأنها قطع بسكويت.. سهلة وخفيفة وشيقة وتثير الفضول معا، وهذا ما يفتقر إليه الكثيرون. وأهم من ذلك كله –في رأيي- رسالة الفيلم إذ خاطبت وجدان اليمنيين بأسلوب مليء بمهارات الصحفي الفخور ببلاده. الصحفي الذي يريد لمجتمعه فضيلة المحبة والتسامح. محمد الثاني: سأخبركم الآن عن "محمد البعداني" أيضا.. شاب مثابر وفنان مسرحي مهموم بقضايا مجتمعه الحقيقية. قدم –على اليوتيوب- وبصحبة مجموعة من الشباب برنامجا ساخرا يحمل اسم "فكرة". بإمكانات بسيطة جدا، وجهود ذاتية أيضا قدم البعداني محمد، بصحبة زميله الشاب حسام الشرماني قطعة فنية بديعة وبقالب كوميدي غير مبتذل وغير هش. فكرة البرنامج جميلة، ويحتاجها الجمهور اليمني بالفعل، وهو على غير البرامج اليمنية الساخرة، والتي -على قلتها- تنطلق كما يلاحظها المشاهد، من أرضية الخصومة المستمرة.. ومن الأحقاد ومن تصفية الحسابات.. ولا تناقش هما عاما كما يفترض بالفنان الملتزم بقضايا مجتمعه، مش الفنان الملتزم بقضايا حزبه أو جماعته. وأقول وأنا مطمئن: مهما عصدوا حياتنا ببنادقهم وبأفكارهم الضيقة وبخصوماتهم المستمرة، يوجد في اليمن الآن مجتمع جديد غير الذي اعتادت عيوننا على مشاهدته ومعايشته وسماع أخباره. وهو في الغالب مجتمع "شاب" لديه أفكاره الجديدة، ولديه وسائله الخاصة وأحلامه الخاصة وجنونه الخاص أيضا. يوما ما، ستحظى اليمن بعقليات قيادية نظيفة ستلتقط هذه الإبداعات، وستنفض بها ما علق في وجه اليمن العظيم من تفاهات وغبار. [email protected]