حملت زيارة وفد المعارضة السورية للقاهرة دلالات مهمة فسرتها مصادر على أنها نقلة نوعية في الدور المصري بالملف السوري خاصة بعد بيان الخارجية المصرية الذي حمل على نظام الأسد بخصوص المسألة الإنسانية. وكانت السلطات الجديدة في مصر قد أبدت “حيادا” يقترب من دعم مقاربة نظام الأسد كردة فعل على مواقف الرئيس الإخواني محمد مرسي الذي كاد يورّط البلاد في مستنقع يجر عليها ويلات سياسية وأمنية خطيرة. وضبط لقاء أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض بنبيل فهمي وزير الخارجية المصري السبت، البوصلة الدبلوماسية، بعد تأكيد المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبدالعاطي أن اللقاء عكس أهمية دور القاهرة في الأزمة. وأوضح أن مصر تدعم إنشاء هيئة أو سلطة انتقالية تتولى الإدارة، إلى حين إجراء انتخابات نزيهة تشرف عليها هيئة حكم انتقالية، الأمر الذي يتماشى مع نتائج اجتماعات جنيف 2. وحول تغيير مصر موقفها من الأزمة بعد ثورة 30 يونيو، أشار بدر عبدالعاطي إلى أن ما تغير هو شعارات مرسي الذي أعلن عزمه إرسال “مجاهدين” وأسلحة إلى سوريا، وهو ما كان سيزيد الموقف صعوبة. وشدد عبدالعاطي على أن نتائج لقاء وفد المعارضة مع وزير الخارجية، ركزت على الحل السياسي ودعم مفاوضات جنيف 2 وتطويرها للوصول إلى تسوية حقيقية. واعتبر مراقبون في القاهرة أن استقبال وفد المعارضة السورية بحفاوة، يعكس تغيرا في التوجهات المصرية الإقليمية، في اتجاه التفاعل مع التطورات المتلاحقة في المنطقة، وهو ما يشير إلى رغبة القاهرة في استعادة دورها في المحيط العربي، الذي تأثر بالتطورات الداخلية، وربما تكون الأزمة السورية مفتاحا في هذا المضمار. وأشار المراقبون إلى أن ابتعاد مصر عن القضايا الإقليمية سوف يمنح قوى أخرى أحجاما كبيرة، فإيران تعيد ترتيب أوراقها، بما يضمن لها نفوذا سياسيا لافتا، وتركيا من جانبها توظف كل إمكانياتها، بما يحفظ لها مصالحها في المنطقة. وكانت مصر نددت الخميس في بيان لوزارة خارجيتها بما وصفته ب”التصعيد الكبير” من قبل نظام الأسد بقصف المدنيين في حلب بالبراميل المتفجرة و”استشهاد” العشرات منهم. وربط المراقبون، بين البيان وزيارة الجربا إلى القاهرة، بالإضافة إلى زيارة رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي إلى السعودية الداعمة للمعارضة السورية بوجه نظام الأسد، ما يؤشر على تحول ملحوظ في الموقف المصري من الأزمة السورية. وذكرت مصادر مصرية أن هذه الخطوة تعزز التحالف المتصاعد بين القاهرة ودول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، بحكم الدور الذي تلعبه في الفضاء السوري. من جهة ثانية، قالت مصادر إن القاهرة تحاول التوسط بين مختلف فصائل المعارضة السورية لتكون مشاركتها بجنيف 2 قوية وتقدر على مواجهة مزاعم النظام التي يقول فيها إن التحالف الوطني ليس ممثلا للمعارضة.