يرى بعض السياسيين الغربيين، أن اليمن ستشهد آخر معركة ضد جماعة الإخوان المسلمين لإضعاف حضورها الاجتماعي والثقافي والعسكري أمام القوى المدنية السياسية للدعم الفكري والمعنوي والمالي الذي تقدمه الجماعة بحسب تاريخها للجماعات الإرهابية برغم محاولتها الانخراط بالعمل السياسي والمدني وإجراء تحديث في مرجعتيها الفكرية وأدائها التنظيمي إلا أنها تحديثات ثانوية في فكر يقوم على تمثيل سماوي هم من يضعون فقهه في إدارة البشر! بدليل اختلاف الرؤى الفكرية والتطبيق السياسي لجماعة الإخوان اختلافاً كبيراً من تونس إلى مصر إلى اليمن وفق فقه مرن ومتحول يمكنهم من إحداث تغيير كبير في المرجعية الفكرية! وما مكن إخوان تونس من تجاوز محنة الربيع الذي صنعوه ليقضي عليهم إلا التجديد في رؤاهم وأدائهم السياسي بما يستوعب الواقع ومعطياته وكل أطرافه بانفتاح ومصداقية ممكنين فأصبحوا الأكثر نجاة حتى الآن! بينما أدركت الجبهة الأردنية الإسلامية إخوان الأردن أن الخروج بتسوية مع الإدارة الأردنية تضمن مصالح أكبر توسع نفوذها للفرصة المناسبة خير من التورط بفخ التمرد الذي قد يفقدهم ما كسبوا وإن كان وضع الأردن الاقتصادي والسياسي مهم لهم !! جماعة إخوان مصر التي تعد المصدر لهذه الجماعات ومن الصعوبة دائما تطوير الأصول، هرولوا باتجاه الفرصة قبل أن يعدوا أنفسهم فكريا وسياسيا فخسروا الفرصة وإن كان غير منصف! لكن يبدو أن المبالغة في الوعود والفجور في الخصومة في الخطاب السياسي والديني كما وكيفا من خلال خلق التهم والافتراءات للوصول إلى السلطة من قبل جماعة دينية المفروض أنها تكون سامية هو الذي عجل برفضها إضافة إلى استخدامهم للعنف تجاه ثورة 30 يونيو كان مدمرا لهم ومؤثرا بشكل كبير على فروع الجماعة في البلدان التي انتصروا فيها!! التجمع اليمني للإصلاح أو إخوان اليمن كانوا الأكثر دهاء سياسيا من فروع الإخوان المسلمين في العالم بل ومن كل النخب السياسية في اليمن حتى أنه تفوق على دهاء الرئيس صالح! فقد تجاوزوا الحصار المفروض على فروع الإخوان وأقاموا علاقات سياسية ذكية ومرنة مع مختلف القيادات السياسية والقبلية والسلطة الحاكمة في اليمن خلال 33 سنة منذ بداية حكم الرئيس صالح ولملموا شتاتهم وأسسوا لإمكانات عسكرية ومالية وقبلية وشعبية وسياسية وسلطة دينية بسيطرتهم على المساجد والمراكز العلمية والدينية وانفتحوا على المجتمع الدولي إلى حد إقامة حفل توديع للسفير الأمريكي من سنوات باتوا شركاء في صنع القرار في اليمن حد حصولهم على معسكرات ومخصصات مالية وتعيينات حتى في دار الرئاسة، وفي الوقت نفسه قادوا معارضة الرئيس صالح من خلال اللقاء المشترك وأصبحوا يضاهون سلطة الرئيس صالح ويستقطبون رجاله المقربين بجدارة! حتى أتت فرصة الربيع وحظي الإصلاح بدعم غير مشروط من الجميع في الداخل والخارج حتى المختلفين معه فهو الأقوى في مواجهة نظام الرئيس صالح! لكنه فشل في الأشهر الأولى في استيعاب شركاء الاحتجاجات قبل سقوط الخصم وهرول بكل غرور وبآليات النظام الذي ثاروا ضده لفرض سيطرته والانقلاب على الشركاء في القيم والمصالح!! خلال عامين فقط كسب الإصلاح نفوذا إضافيا لكنه مؤقت: رسميا وعسكريا وماليا ومواقع كثيرة في قيادات وقواعد مؤسسات الدولة!! لكنه أصبح موصوما بالفساد والاستبداد والعجز والفشل في الإدارة وقيادة العبث والاغتيالات والأعمال الإرهابية ومحط انتقادات قيادات وقواعد أحزاب اللقاء المشترك!! ومكروها ومرفوضا من قبل القيادات النخبوية السياسية والثقافية والإعلامية التي ساندته ومنحته الشرعية في انقلابه على صالح! وعلى المستوى الإقليمي خسر دولا ذات تأثير كبير على اليمن! وظهرت جماعة أنصار الله المختلفة مذهبيا معه بقوة ونفوذ فاقته على الصعد: القبلي والعسكري والسياسي والشعبي! وخسر حليفه الرئيس صالح الذي صمد وحزبه وأتباعه حتى ضد الموت وأصبح يستعيد قوته!! أصبح الإصلاح اليوم يواجه الموقف الأخلاقي والاجتماعي والدولي والتحالفات التي قادها وأطاحت بصالح في 2011 في وضع أكثر تدهورا وخصوما يحملون ثارات لا تنسى! وعلى قياداته المنفتحة أن تقيم أداءه وتحالفاته السياسية قبل وبعد ما يسمى بالربيع ورؤية نخب وفئات المجتمع له وخاصة المختلفين معه ووضع تصور حول كيفية تطوير وتحديث رؤيته الفكرية ومواقفه وتحالفاته المستقبلية في استيعاب الواقع وبشكل عاجل وبالتعاون مع مستشارين من إخوان تونسوالأردن في حلقة نقاشية مغلقة بهم بعيدا عن القيادات القبلية والعسكرية والمتشددة التي ساهمت في تشويه صوره الإصلاح! أعتقد أن هذه هي الخطوة الأساسية لإنقاذ ما يستطيع الإخوان إنقاذه! ومقترح من صحفية يمنية لا تتمنى للإصلاح بعد كل ما بدر منه أن يحكم لكنها تتمنى أن يصبح الإصلاح مساهما في التوازن السياسي الذي يحمي اليمن وبرؤية منفتحة عصرية لرسم المستقبل!