كشفت مصادر مطّلعة أن الدور القطري كان محوريا في إطلاق سراح راهبات معلولا والتي تضم أقدم كنائس العالم وتسببت في تشويه سمعة المعارضة، وأن ذلك تم في مقابل إطلاق سراح أربعة قطريين محتجزين لديها مقابل إطلاق المعارضة (جبهة النصرة الممولة قطريا) لسراح راهبات معلولا بدمشق. وأكدت المصادر أن الدوحة أجرت في الفترة الأخيرة اتصالات مع نظام الأسد، وأنها تسعى إلى تحسين العلاقة معه في إطار خطتها للتحالف مع تركيا وإيران ردا على خطط عزلها خليجيا وعربيا بعد سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة. وأضافت أن القيادة القطرية الجديدة، وبضغط خاص من “الأمير الوالد” تحاول فتح قنوات التواصل مع نظام بشار الأسد عن طريق شخصيات لبنانية مقربة من دمشق، وخاصة عن طريق المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبرهيم الذي سبق أن زار الدوحة والتقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن القيادة القطرية عرضت “فتح باب الحوار” بين النظام والمجموعات المسلحة التي ما تزال تأتمر بأوامر الدوحة، وخاصة المجموعات المتشددة سواء المقربة من القاعدة أو التي تعود إلى الإخوان المسلمين. وقال مصدر مقرب من الجيش الحرّ إن التحقيقات التي أجراها الجيش كشفت عن أن الهدنة التي تمت في أكثر من قرية سورية بين قوات الأسد وبعض المجموعات المعارضة تمت بوساطة ومتابعة من قطر التي هددت مقربين منها بأن رفض التفاوض مع القوات النظامية يعني آليا فقدان الدعم المالي والعسكري. ولاحظ مراقبون لأنشطة المعارضة السورية المسلحة أن قطر نجحت في عقد لقاءات سرية بين مجموعات مقربة منها وممثلين لجيش النظام، وأن تلك اللقاءات جرت في الأماكن التي تهيمن عليها المجموعات الإسلامية المتشددة، وأنه وبعد تلك اللقاءات غيّرت المجموعات المتشددة خطتها العسكرية، وأصبحت مهمتها الرئيسية فتح جبهات قتال ضد الجيش الحر، أو ضد الأكراد السوريين، للسيطرة على أكثر ما يمكن من المواقع العسكرية المهمة، والمدن والقرى لتحظى بالحوار مع النظام كقوة ميدانية.
وقالت تسريبات إعلامية إن قطر سلمت الخاطفين مبلغ 16 مليون دولار مقابل إطلاق سراح الراهبات، وأنها بدأت الشهر الماضي مفاوضات مباشرة مع نائب أمير جبهة النصرة أبو عزام الكويتي، ما سهل عملية إطلاق السراح. وكانت كتائب “أحرار القلمون” السورية أعلنت في 6 ديسمبر الماضي مسؤوليتها عن اختطاف الراهبات بعدما سيطرت مع جبهة النصرة المتشددة على معلولا بريف دمشق (جنوب)، وتم ربط مصير الراهبات بالإفراج عن ألف معتقلة سورية من سجون النظام. وتقع معلولا على بعد 55 كلم شمال دمشق، وهي بلدة غالبية سكانها من المسيحيين معروفة بآثارها ومقدساتها وخصوصا دير مار تقلا، ويتقن سكانها الأرامية لغة المسيح. ودخلها مقاتلون في سبتمبر قبل أن تستعيدها القوات النظامية، إلا أنهم سيطروا عليها مجددا في ديسمبر. ووصلت راهبات معلولا، منتصف ليل الأحد، إلى نقطة “جديدة يابوس” على الحدود اللبنانية السورية، قادمات من منطقة يبرود حيث كن محتجزات. وحظيت الراهبات باستقبال رسمي وشعبي وبَدَونَ في صحة جيدة، وأكدت أكثر من واحدة منهن أنّهن حظين بمعاملة جيدة من الجهة الخاطفة. وشكرت الراهبات جميع من سعى إلى إطلاق سراحهن، وخصت رئيسة دير “مار تقلا” الأم بيلاجيا سياف أمير دولة قطر، الشيخ تميم آل ثاني”، ومدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم الذي تابع ملفهن منذ البداية”. وكانت عملية الإفراج تأخرت ساعات طويلة، وقال اللواء عباس إبراهيم إن “الخاطفين حاولوا في اللحظة الأخيرة التغيير وتحقيق مكتسبات أكبر، لكننا قلنا لهم إننا ننفذ ما اتفقنا عليه، وإلا نوقف العملية”. وأظهر شريط بثه ناشطون على موقع “يوتيوب” عملية التبادل. وبدت الراهبات يغادرن منزلا في منطقة غير محددة. وقالت راهبة للمصور “هذا الشهر الرابع. لا ناقة لنا ولا جمل… معليش (لا بأس)، لا شيء يضيع عند الله”. وسمع أحد المقاتلين يقول لها “اذكرونا بالخير”، في حين بدا مسلح آخر ملثم يحمل راهبة غير قادرة على المشي، قبل أن يضعها في سيارة رباعية الدفع، وهي تقول له “الله يقويك (يمنحك القوة)”.
وصعدت الراهبات في سيارات رباعية الدفع يقودها ملثمون، رفع أحدهم علم جبهة النصرة. وأظهرت اللقطات السيارات وهي تعبر منطقة جردية وسط ظلام دامس، قبل الوصول إلى نقطة الالتقاء تحت المطر الغزير. وسلم عناصر الأمن العام المقاتلين سيدة وثلاثة أطفال، قبل أن يتسلموا الراهبات. وسمع المقاتلون يهتفون “الله أكبر”.