أنعش اللاجئون السوريون المتاجر في لبنان، كما أنعشوا قطاع التجزئة بفضل أموال المساعدات التي تدفقت عليهم، سواء من البرامج الممولة من الأممالمتحدة، أو من خلال الجمعيات والمنظمات الإنسانية التي تنشغل بتقديم المساعدات لهم من كافة أنحاء العالم. وإضافة إلى المساعدات التي تقدمها الأممالمتحدة والمنظمات الإغاثية الإنسانية للاجئين السوريين في دول الجوار، فإن بعض السوريين الهاربين من بلادهم تمكنوا من اصطحاب ثرواتهم ومدخراتهم المالية إلى الخارج، لتساهم هي الأخرى في إنعاش العديد من القطاعات في لبنان بما فيها العقارات والمساكن أيضاً التي ارتفع عليها الطلب هي الأخرى. وتمنح كل من مفوضية اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي التابعين للأمم المتحدة اللاجئين السوريين بطاقات صرف، تشبه البطاقات البنكية، يقومون بواسطتها بشراء حاجياتهم الأساسية من بعض المتاجر المحلية في لبنان، وذلك نتيجة ارتفاع أعداد اللاجئين بصورة كبيرة، على أن المتاجر المتعاقدة والتي تقبل هذه البطاقات تتقاضى الأموال مباشرة من البرامج التابعة للأمم المتحدة. وقالت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لها إنه "في المناطق الريفية الحدودية بلبنان فإن من يقود قطاع الأعمال في الوقت الراهن هو اللاجئون السوريون والمساعدات المالية التي يأتون بها معهم"، مشيرة إلى أن اللاجئين السوريين يمثلون نصف السكان في المناطق الحدودية الشمالية بين لبنانوسوريا. وبحسب الصحيفة فإن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تحول مؤخراً إلى تقديم المساعدات النقدية بدل العينية للاجئين، وذلك في محاولة أيضاً لإفادة المجتمع المحلي الذي يستضيف اللاجئين السوريين. ويشير التقرير إلى أن العديد من المتاجر في المناطق الحدودية اللبنانية تشهد انتعاشاً في المبيعات والنشاط التجاري بفضل تعاقدها مع برامج المساعدات الدولية للاجئين السوريين، حيث تقوم بتزويدهم بالمواد الأساسية التي يحتاجون إليها، فيما يبدو أن المتاجر في المنطقة تتسابق من أجل الحصول على هذه التعاقدات، حيث قال أحد التجار لجريدة "فايننشال تايمز" إنه "يعاني من كساد كبير في البيع، لأنه لم يحصل على عقد من برنامج الغذاء العالمي، وهو ما جعل زبائنه فقط من اللبنانيين الفقراء"، على حد تعبيره. وكان البنك الدولي أصدر تقريراً العام الماضي قال فيه إن الاقتصاد اللبناني تكبد خسائر تجاوزت 7.5 مليار دولار، بسبب الصراع المستمر في سوريا منذ ثلاث سنوات. وقال الباحث الاقتصادي اللبناني بشير الخوري إن مديونية لبنان كانت واحدة من بين أكبر المديونيات في العالم قبل بدء الأحداث في سوريا، وحالياً أصبحت هذه المديونية تنمو بسرعة تزيد خمسة أضعاف عن النمو الاقتصادي في البلاد. ويقول الخوري إن "عوائد الحكومة اللبنانية تتراجع بينما تزداد مصاريفها بشكل متواصل"، مشيراً إلى أن "وجود اللاجئين السوريين أرهق الخدمات العامة في لبنان مثل الكهرباء والمياه، وهي الخدمات التي كانت أصلاً ضعيفة قبل اندلاع الأزمة السورية". وبهذه المعطيات فإن القطاع الخاص في بعض مناطق لبنان يبدو المستفيد الوحيد من الأزمة السورية، فيما تتكبد الحكومة اللبنانية والاقتصاد الكلي للبلاد الخسائر الأكبر من جراء هذه الأزمة.