تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    5 أسباب دفعت الهلال السعودي لتجديد عقد جيسوس    باريس يزعج مبابي بقرار غريب!    الحوثيون يفرضوا ضرائب باهظة على مصانع المياه للحد من منافستها للمصانع التابعة لقياداتها    تعرضت لضربة سابقة.. هجوم ثانٍ على سفينة في البحر الأحمر وتسرب المياه إلى داخلها    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    وهن "المجلس" هو المعضلة    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    العكفة.. زنوج المنزل    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرياني :الفقر والبطالة جوهر أزمة اليمن

يرى خبير التنمية الاقتصادية ورئيس الوزراء اليمني الأسبق، الدكتور عبد الكريم الأرياني، أن لبّ الأزمات في اليمن يكمن في البطالة وارتفاع معدل الفقر، وذلك بالرغم من الجهود التي بذلت للحد منهما.
ويعتقد أمين عام المؤتمر الشعبي العام أن استيعاب دول الخليج العربي لنحو 400 ألف عامل يمني سنويا وبدعم من المملكة العربية السعودية سيساعد في الحد من أزمة التنمية في اليمن.
ويعتبر الأرياني، الذي يشغل منصب مستشار الرئيس اليمني للشؤون السياسية، من أبرز الكفاءات السياسية العربية في مجال التنمية، وقد عمل في مواقع حكومية وزيرا وخبيرا تنمويا وفي التخطيط المركزي ووزير تربية ورئيسا لجامعة صنعاء بين عامي 1968 – 1998، ورئيس وزراء.
ويأخذ الأرياني على الإعلام العربي تضخيم المشهد اليمني، الذي لم يخل يوما من الأزمات، وهو يعترف بحصول إخفاقات في التجربة الوحدوية اليمنية، لكنه يبين أن هناك ما هو إيجابي في تجربة الوحدة اليمنية.
"الغد" التقت الأرياني على هامش أعمال الملتقى الاقتصادي العالمي "دافوس"- البحر الميت للحديث عن تجربته التنموية والاقتصادية والتخطيط الاستراتيجي في اليمن وما تشهده دولة الوحدة من توترات اجتماعية واقتصادية، بالإضافة إلى التجربة الذاتية للدكتور عبد الكريم الأرياني، والتحولات منذ أواخر الستينيات وصولا إلى الوضع الراهن، وكان الحوار الآتي:
يلقبونكم في اليمن ب"فارس الفواكة" و"مهندس النكبات" هل من الممكن توضيح ذلك؟
- نعم، لقد اتخذت قرارا غير شعبي إبان تولي رئاسة الحكومة، ولم يُلعن رئيس وزراء في اليمن من قبل كما لعنت وكان ذلك بسبب منعي استيراد الفواكه.
لماذا؟
- كانت الفاتورة اليمنية مرتفعة في استيراد الفواكه وتزيد على 200 مليون دولار، ولم يستغرق الأمر كثيراً كي ننتجها، فبعد ثلاث سنوات ظهر الموز في اليمن، كان هناك أماكن كثيرة تزرع زراعة تقليدية ولكن بعد عامين أنتجنا التفاح والمنجا والحمضيات والبطيخ وغيرها واليوم نصدر، أنا أرى أن التنمية تحتاج إلى قرارات حاسمة.
هل كان هناك خبراء دوليون استعنتم بهم؟
- لا.. السواعد كانت يمنية مائة بالمائة، لكن تلقينا مساعدات مالية لتنفيذ مشاريع التنمية من مؤسسات دولية بيد أن الإنجاز كان بخبراتنا الزراعية الوطنية.
بعد دراستكم للماجستير في الولايات المتحدة عدتم لليمن، فماذا جرى؟
- كانت الحالة في اليمن أصعب ما تكون عليه، وحصلتُ على منحة لدراسة الدكتوراه في جامعة "ييل" ومنها تخرجت في تخصص الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة، وفي العام 1968 كان المصريون قد خرجوا من اليمن وانتهى الحصار في اليمن وأثناء ذلك كان الصندوق الكويتي للتنمية بدأ مشروعا تنمويا زراعيا في "وادي زبيد" بالتعاون مع منظمة الفاو التي أجرت دراسات الجدوى، وكانت تقاريري الدراسية تذهب إلى حكومة اليمن، فصدر قرار تعييني قبل العودة مديرا لمشروع وادي زبيد، وصرت مديرا مشاركا للمشروع حتى تم إنجازه وهو من أهم المشاريع التنموية في اليمن.
وبعد مشروع زبيد؟
- انتقلت بعده إلى تأسيس الجهاز المركزي للتخطيط العام 1972 وأسست أول برنامج تنموي، كانت الميزانية العامة مختلطة، ولكن بدأنا بمشاريع منها تعبيد طريق صنعاء تعز، وبقيت في التخطيط حتى عام 1976.
سبق ذلك أن صرت وزيرا؟
- نعم في العام 1974 أصبحت وزيرا للتنمية مع بقائي رئيسا لجهاز التخطيط المركزي وذلك بحكومة حسين مكي.
وبعد ذلك؟
- في العام 1976 أصبحت وزيرا للتربية، ثم حصلت حركة يوليو (تموز) بقيادة الرئيس علي عبد الله صالح، وجمعت مع الوزارة موقع رئيس جامعة صنعاء.
كيف بدأت الجامعة؟
- البدايات صعبة دوما، وتزداد صعوبة في بلد يخرج للتو من أثقال السياسة والغياب عن الساحة الدولية فأغلب الأساتذة كانوا عربا وكانت الرئاسة من الكويت والعمداء مصريون وضمت الجامعة مفكرين عربا ومنهم: شكري الماضي، وإبراهيم السامرائي، ورضوان السيد، وصار الرئيس فيما بعد الشاعر عبد العزيز المقالح.
بين عامي 1978-1980 جرت تغيرات في الطبقة السياسية كان من نتائجها أنك خرجت من الحكومة سنة، فماذا عملت؟
- خرجت من الحكومة لأن رئيسها، عبد الله الغشمي، لم يكن يريدني في الحكومة وبعدها انتقلت إلى الكويت فصرت مستشارا للصندوق الكويتي، وبقيت حتى العام 1980.
ماذا عن المشاريع التنموية في تجربة عملكم في الصندوق الكويتي؟
- المشاريع كثيرة ومتعددة الوجوه، بعضها كان ينجز وبعضها كان يتعثر ومنها الذي تعثر مثل مشروع سد وادي المقارن في الأردن، حاولنا أن ننجزه لكنه تأخر يومها بسبب عقبات سياسية، وساهم المشروع خلال الفترة 1962 - 2009 في تمويل مشاريع تنموية أردنية وعربية أخرى ومنها في الأردن مثلا، مشروع محطة العقبة الحرارية ومشروع مناجم فوسفات الشيدية ومشروع تطوير حوض نهر الزرقاء وتطوير حقل الريشة، وغيرها مشاريع كثيرة في دول عربية وحتى في الصين، النيجر، مصر، سيرلانكا، بنغلادش، ألبانيا، موريشيوس، بوركينا فاسو وغيرها.
هل تعد نجاحكم في الصندوق الكويتي بداية لعودة جديدة إلى اليمن؟
- حدث شيء من ذلك، ففي تشرين الأول (أكتوبر) 1980 اتصل بي الرئيس علي عبد الله صالح ويومها كنت في المغرب، وطلب مني أن أعود لليمن وأتولى رئاسة الحكومة، وقبلت ذلك وبقيت بين عامي 1980 – 1983.
وماذا عن الكوارث الطبيعية؟!
- حصل زلزال في اليمن في كانون الأول (ديسمبر) 1982 كان الأكبر تأثيراً، وأصبحت رئيس مجلس الإعمار عام 1983، وتركزت أضرار الزلزال في منطقة "ذمار" في الجبال الوسطى وفعلا استمر الإعمار لمدة عام ونصف وبقيت مسؤولا عن مجلس الإعمار حتى العام 1984.
في عام 1993 كنت وزيرا للتخطيط ومعنى هذا انك أسهمت في حل أو وضع تصور لمشكلات الجنوب؟
- نعم نحن عملنا بكل صدق لحل مشكلات التنمية، لكن مشكلاتنا تنحصر اليوم بالبطالة وارتفاع مستوى الفقر والبطالة وهما السبب لعمليات الاحتجاج المطلبي ونحن نقدرها ونقدر موقف المملكة العربية السعودية الداعم للموقف اليمني. وفي هذا المجال تكفل خادم الحرمين بالعمل على استيعاب العمالة اليمنية بالأسواق الخليجية.
عدت فيما بعد نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للخارجية ومن ثم أصبحت نائبا لحزب المؤتمر الشعبي العام فلنتحدث عن التجربة التنموية أكثر؟
- التجربة اليمنية ولدت في ظروف صعبة، والعالم اليوم كله يمر بأزمة اقتصادية، ونحن جزء منه، ما أزال أقول أن أزمة اليمن جوهرها الفقر والبطالة، وبكل وضوح أن فردا دخله السنوي كان عام 1990 مبلغ 800 دولار وفي بلد شهد توترا إلى حد الحرب في صيف 1994 فإن آثار تلك الظروف ظلت ماثلة، بالرغم مما حاولت الحكومة القيام به عبر شبكة الأمان الاجتماعي.
هل يمكن أن نبين الإجراءات الاقتصادية التي تمت لإحداث التنمية؟
- تم تأسيس مؤسسات لمعالجة واحتواء الآثار السلبية لسياسات الإصلاح الاقتصادي ومنها المشروع الوطني للحد من الفقر وتوفير فرص العمل وشبكة الأمان الاجتماعي وصندوق الرعاية الاجتماعية وقامت الدولة بإعداد إستراتيجية وطنية للحد من الفقر بين الأعوام 2000 - 2005 وفي ضوء تلك الجهود شهدت معدلات الفقر تراجعا ملحوظا خلال الفترة 1998 - 2005 بنسبة 41.8% من السكان أي ما يقارب 6.9 مليون فرد عام 1998 - إلى حوالي 34.8% من السكان عام 2005 كما تراجع الفقر بالحضر، حسب الدراسات، من 32.8% إلى 20.7% من إجمالي سكان الحضر في الفترة 1998 - 2005، والأرقام والمؤشرات كثيرة لكن التحديات تزداد بفعل تحولات عالمية أيضا.
في بداية التسعينيات تعرضت المنطقة لزلزال أزمة الخليج وأنت شهدت السياق السياسي للوحدة كيف بدت الظروف آنذاك؟
- كان غزو العراق للكويت بداية لأزمات اليمن التي يعيشها اليوم فبعد الغزو وموقف اليمن آنذاك عاد مئات الآلاف من اليمنيين إلى البلاد بعد استغناء دول الخليج عنهم، وأدى ذلك إلى أزمة تفاقمت اليوم بشكل أدى لأن تكون البطالة أم الأزمات، وبعد حرب الخليج التي جاءت بعد الوحدة بقليل ضعفت الهمم حتى وصلنا لأزمة 1994 التي كادت أن تعصف بالوحدة لولا دفاع اليمنيين عن وحدتهم.
لو كانت حرب الخليج حصلت قبل الوحدة هل تعتقد أنها كانت ستؤثر على مسار الوحدة اليمنية؟
- نعم لو سبقت الحرب الوحدة لما تمت.
1994 تعدونها مفصلا مهما لماذا؟
- في الحقيقة الوحدة كانت قامت على حزبين متناقضين وحماس الوحدة أنساهما الخلافات لكن في الواقع بدأت الخلافات بعد سنة واحدة وفي عام 1992 تحديدا، لكن الزخم الشعبي كان جارفاً ولم يكن أحد يتحدث عن عدم الانسجام الأيدلوجي في القيادة السياسية.
هل يعني هذا أن هناك خلافات منذ 1990؟
- ليس عيباً أن نقول إن هناك تبايناً في وجهات النظر مع الانفصاليين، لكن الخبز كان يخبز في صنعاء ويؤكل في جبهات القتال، لكن سقوط منطقة "مكيرس" وهي نقطة إمداد للانفصاليين كانت بداية انهيار معسكرهم لأن خط التمويل ارتبط بين صنعاء و"أبين"، الطرفان كانا يتقاتلان بسلاح روسي وأنا أرى أن حرب 1994 التي جاءت بعد أربع سنوات كانت من ضرائب الوحدة.
وماذا عن الموقف العربي عامة والأردني خاصة؟
- العرب انقسموا، بعضهم كان له يد بما يحدث، وبعضهم كان مع الوحدة، بالنسبة للأردن كان موقفه حاسم مع الوحدة وتلقينا بعض المساعدات للحفاظ عليها وكان الملك حسين رحمه الله واضحا في موقفه وأرسل رئيس ديوانه، الدكتور خالد الكركي، عدة مرات، ونحن نحترم الكركي في موقعه التربوي المتقدم لأنه رجل قومي وصاحب رؤية.
كأمين عام للمؤتمر الشعبي لمدة عشر سنوات وفي بلد مثل اليمن كيف تقيم مسار التجربة وبالذات موضوعات الحرية والنزعات المطلبية؟
- أنا أرى أن في اليمن الكثير من الإيجابيات وأهمها أن اليمن بني على أساس التعددية والتعددية تقود للحرية والاختلاف في وجهات النظر دليل صحة.
ألا يوجد أزمة اليوم في الإعلام؟
- لا.. هناك تجاوزات للسقف المسموح به، وسقف الحرية هو الوحدة، صحيح هناك صحف موقوفة، لكنها قد تعود بأمر القضاء وهذا حدث أكثر من مرة، النقد هنا نسمح به ويطال أحيانا كل المقامات السياسية.
هل المطالب الشعبية في الجنوب تفسر على أنها حرية؟
- هناك فرق بين النزعات الانفصالية والحراك المطلبي، نحن نقدر ونعتبر الحراك المطلبي أمرا شرعيا ونتعامل بجدية مع مطالب الحراك المطلبي في مدن الجنوب وما حصل أخيرا هو أن هناك ضباطا متقاعدين، وصلت مطالبهم بمعادلة رواتبهم التي تقاعدوا عليها قبل أعوام، بما هو عليه الحال الآن، ومع أن هذه الحالات كلفت الخزينة أربعة بلايين دولار، وأنا أقول أن الرئيس سمع المطالب ورأى أن هناك ضرورة لمتابعة كل ما يحدث وطالب القيادات في الميدان أن لا يرفعوا المشاكل إلى المركز.
هل هناك تضخيم للازمة؟
- نعم، اليمن لم يكن من دون أزمات، لكن صورة اليمن تتضخم دوماً خارجيا، والرهان اليوم على الحكم المحلي ليحل مشاكل الناس في التمثيل وقد أعطيت القيادات في الميدان صلاحيات واسعة.
على صعيد الإصلاح السياسي، ماذا عن تجربتكم في انتخابات المحافظين؟
- نحن قدمنا في اليمن تجربة غير موجودة على الأقل عربيا وهي أن محافظي المحافظات اليمنية ينتخبون وهذا ما يساهم في تقرير المشاركة السياسية.
هل هذا الانتخاب أدى إلى نتائج إيجابية؟
- لا أقول مائة بالمائة إن التجربة ناجحة، وتساهم أيضا بتحقيق رغبات الناس بالتمثيل، أحيانا يكون هناك إخفاق لكن المبدأ لا خلاف عليه، نحن نتحدث عن إصلاح ومشاركة وحكم محلي ومساهمة الناس بصناعة مستقبلهم.
وماذا عن المستقبل؟
- المستقبل سيكون صعبا، لكن نحن لا نفقد الأمل في مجتمع لديه قوة عاملة ونسبة شباب عالية؛ فمثلا عدد طلاب الثانوية يبلغ 135 ألفا لهذا العام، وهناك 400 ألف عامل سيذهبون إلى دول الخليج بدعم من المملكة العربية السعودية مشكورة، والعمالة اليمنية مطلوبة والرهان كبير على دعم الأشقاء العرب وعلى الإعلام الذي نأمل منه أن يكون موضوعيا في تشخيص الحالة اليمنية.
كيف كان خروجكم من اليمن منتصف الخمسينيات وكيف بدأتم مسيرتكم العلمية؟
- الحديث عن الذاكرة، حديث عن بداية الوعي وتشكله، فيوم كان عمري تسعة عشر عاما هربت من مدينة "إب" إلى عدن خوفا من حكم الإمام، وفي عدن استقبلني الحاج عزيز الزنداني.
كان الهروب سنة 1953 أي بعد عام على ثورة يوليو (تموز) بمصر، ومن عدن ذهبنا إلى مصر التي كانت لا تستقبل أحدا من قبل ذلك في عهد الملك فاروق إلا بموافقة الإمام. وفي رحلة الهروب رأيت لأول مرة الكهرباء والسيارة وكان عمري حينها تسعة عشر عاما.
كيف بدت الحياة في مصر؟
- كانت صعبة، إذ كان علي أن أدرس الإعدادية وعمري عشرون عاما، ولأجل ذلك دخلت مدرسة ليلية بنظام المنازل، وكان أصعب شيء عليّ دراسة الرياضيات التي لم نكن قد تعلمناها في اليمن فقد دخلت مصر وأنا لا أعرف القسمة، وفي مصر انضممت إلى بعثة الاتحاد اليمني، وكان الذي رتب لنا ذلك القاضي إسماعيل الأكوع، وقد دخلت المدرسة الإبراهيمية الثانوية لمدة سنتين وبعدها انتقلنا إلى طنطا، ثم بعد ذلك جرت تحولات في اليمن أثرت على مساري العلمي.
تقصد التغيير في الحكم؟
- صحيح لكن حدث ما هو أبعد من ذلك، إذ استلم الحكم الإمام الناصر أحمد بن يحيى (حكم من 1948-1962) الذي انفتح على العالم الخارجي واعترف بالصين وأرسل ابنه المنصور محمد البدر بن أحمد (حكم أسبوعاً واحدا بعد والده في العام 1962 ثم أُزيل عن الحكم بعد قيام الثورة وإعلان الجمهورية اليمنية) لعقد صفقة أسلحة مع التشيك، وعندها قرر الأمريكان أن لا يتركوا المنطقة بلا اتصال مع اليمن، فقدموا ثلاث منح دراسية ليمنيين في أميركا واشترطوا أن يكون الممنوحون خريجي جامعات.
آنذاك كان أحمد الشامي الوزير المفوض في القاهرة، وذهبت إليه وقلت له أريد المنحة، بالرغم من أنني لم أكن بعد حصلت على الدرجة الجامعية الأولى، وعندها أحضر الشامي "كرتا" وكتب عليه "المرشح الثالث" وذهبت بالكرت الى السفارة الأميركية وقابلت السكرتيرة وكانت من دار الحسيني، فأخذوني للامتحان في السفارة وكان ذلك في آذار (مارس) 1958 وأذكر أنه خرج السفير ورأى النتيجة ووجدني وصحح لي الكلمة الوحيدة التي كنت أخطأت بها في الامتحان، وكنت قد سجلت أثناء ذلك في جامعة القاهرة في تخصص الزراعة لكني لم التحق بها فقد انتظرت قليلا.
من كان يصرف عليك في مصر؟
- أثناء وجودي في مصر كان معي بقية مال كنت قد وفرته من بيع محصول قهوة في عدن عندما هربنا إليها من مدينة إب، وكان ذلك المبلغ كافيا ليصرف عليّ مدة عامين في القاهرة.
هل انتظمت سياسيا في مصر؟
- نعم انتسبت لحركة القوميين العرب، التي ضمت لبنانيين وسوريين وفلسطينيين.
من كان معك؟
- أذكر ممن كانوا معي: محمد كشك، وزهير قمحاوي، والحكم دروزة، وإبراهيم العبد الله.
كيف انتهت علاقتك بهم؟
- عندما أردت الذهاب إلى أميركا قالوا في الحركة: "نفصلك" وقلت: افصلوني.
السفر إلى أميركا متى وأين استقر بك المقام في البداية؟
- سافرت في آب (أغسطس) 1958 وكان عمري 22 سنة، وكانت محطتي الأولى ولاية تكساس، وفيها سجلت للدراسة في كلية صغيرة تضم آنذاك ألفي طالب، وهي التي تخرج منها الرئيس جونسون في الثلاثينيات، كانت الكلية تخرج مرشدين زراعيين، لكني لم أطل البقاء فيها، فبعد سنة ذهبت إلى جامعة أوكلاهوما، وهناك بقيت مدة قليلة إذ إن الجو كان باردا فنصحني زملائي أن اذهب إلى ولاية جورجيا وبقيت فيها أربعة أعوام في البكالوريوس وعامين في الماجستير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.